الصحوة – أحمد الحراصي
في زوايا عالم الإبداع، حيث يمتزج الفن التشكيلي بجماليات الخط العربي، يبرز الفنان سليمان الصبحي كأحد الأصوات التي تحمل رسالة تعكس روح التراث وتواكب متغيرات العصر. في حديثه معنا، كشف الصبحي عن رحلته الفنية التي بدأت من شغف طفولي تطور عبر السنوات، ليصبح اليوم اسمًا يحمل بصمة مميزة في عالم الفنون.
يسترجع الصبحي ذكرياته الأولى مع الرسم، حين كان الطفل الذي يجد في الألوان والخطوط وسيلة للتعبير عن نفسه. ويقول: “منذ صغري، كنت أجد في الرسم عالمًا خاصًا يعكس شغفي. لكن مرحلة الثانوية كانت نقطة التحول الأبرز؛ حيث انجذبت إلى التشكيل وصناعة المجسمات باستخدام خامات البيئة. ومع مرور الوقت، وجد الخط العربي طريقه إلى قلبي، وأصبح يشكل جزءًا من هويتي الفنية.”
يرى الصبحي أن الفن رسالة تتجاوز حدود اللوحة أو المجسم، فهي انعكاس لقضايا ومناسبات وأحداث يمكن ترجمتها بريشة الفنان أو قلمه. كل عمل بالنسبة له يحمل فكرة يسعى لإيصالها للجمهور، حيث يمتزج الإبداع بالمسؤولية الاجتماعية والثقافية.
عملية الإبداع لديه ليست مجرد لحظة تبدأ بالفكرة وتنتهي بالتنفيذ، بل هي رحلة تحتاج إلى أجواء مثالية تسودها السكينة. ساعات الليل المتأخرة أو لحظات الفجر الأولى هي الأوقات التي يجد فيها الصبحي نفسه في حوار عميق مع عمله الفني، حيث تنبض التفاصيل بالحياة وتجيب عن تساؤلاته.
وعن تماشيه مع التطورات السريعة في الفنون الحديثة، يؤكد الصبحي على أهمية التوازن بين الأصالة والتجديد. فهو يدمج التقنيات الحديثة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، في بعض أعماله، لكنه يحرص دائمًا على أن يحتفظ العمل الفني بروحه الأصلية وهويته العميقة.
الثقافة المحلية والبيئة المحيطة تشكلان مصدر إلهام دائم للصبحي، حيث يبرز في أعماله التراث والقضايا الاجتماعية التي تلامس المجتمع. يقول: “كخطاط، أجد ترابطًا وثيقًا بين أعمالي والبيئة التي نشأت فيها. فهي جزء لا يتجزأ من هويتي الفنية، وتنعكس في كل ما أقدمه.”
لكن الطريق نحو النجاح لم يكن خاليًا من التحديات. يتحدث الصبحي عن صعوبة البداية، خاصة في الظهور أمام الجمهور بثقة. ومع ذلك، استطاع تجاوز هذا الحاجز سريعًا بفضل مشاركاته المستمرة، التي منحت أعماله تفاعلًا إيجابيًا ومشجعًا.
رغم ذلك، يلفت إلى وجود فجوة في فهم بعض أنواع الفنون التشكيلية داخل المجتمع، حيث يعتمد التفاعل مع الفن على أسلوب الفنان. بعض الأساليب تلامس وجدان المتلقي مباشرة، بينما تظل أخرى بعيدة عن إدراكه. ومع ذلك، يظل الصبحي متفائلًا، مشيرًا إلى الأمل الكبير في جيل جديد من الفنانين الشباب القادرين على تقليص هذه الفجوة.
أما عن طموحاته المستقبلية، فيؤكد الصبحي أن هدفه الأكبر هو نشر ثقافة الفن التشكيلي والخط العربي محليًا ودوليًا. يرى أن الفن هو لغة عالمية قادرة على كسر الحواجز الثقافية، ويطمح إلى إيصال أعماله لجمهور أوسع، لتبقى رسالته الفنية جسرًا يربط بين الأصالة والتجديد، وبين المحلية والعالمية.