الصحوة- أنفال حمد المزيني
في عالم يؤمن بقوة الكلمة وقدرتها في صناعة الأثر وبناء وعي المجتمعات؛ كان لنا لقاء خاص مع محمد الزعابي كاتب عماني وصاحب مكتبة الدرة لبيع الكتب واضعًا بين دُفّتي قلمه شغف الكلمة؛ والذي اختار أن يجعل من مكتبته منصة لاحتضان الأقلام العمانية الشغوفة ودفعها نحو آفاق أرحب من التميز والانتشار إيمانًا منه بأن للكلمة دورًا كبيرًا يتجاوز حدود الورق وأثر عميق يصل للقلوب قبل العقول.
تحدث الكاتب عن بداياته في الكتابة مسترجعًا ذكرياته بالمدرسة، حيث أن محاولاته الأولى كانت بسيطة وركيكة، إذ أنه كان يدوّن كتاباته في قصاصات صغيرة يحتفظ بها كأثر لِحُب داخلي للكلمة، مع مرور الوقت؛ كان للصحافة العمانية دور كبير في صقل موهبته في الكتابة، فكان “لجريدة عمان” فضل كبير في دعمه ومنحه الثقة لإكمال هذا الطريق، تليها صحيفة “تكوين” إذ أنها شكلت له سندًا حقيقيًا في إكمال مشواره الأدبي.
أما عن مصادر إلهامه، فقد عبر الكاتب عن ارتباطه العميق بجماليات الحياة، وأن التفاصيل التي تمر على البعض مرور الكرام هي التي تستوقفه وتهمس لقلبه؛ لتتشكل بصمت فتنهمر الكلمات نثرًا على الأوراق مثلما ينهمر المطر على أرضٍ عطشى.
ذكر الزعابي في حديثه عن إصداراته أنه يمتلك في رصيده الأدبي عدد من الإصدارات التي شكّلت محطات مختلفة من حياته في رحلته مع الكلمة منها: خيوط من الحب والحزن، الأقدار المؤلمة، سر هيّن، غرباء أينما ذهبوا، حصحص، وتيم، إلا أنه أشار أن لكتاب “حصحص” و”تيم” مكانة خاصة في قلبه وذلك لأنه كان على تماس حقيقي مع ما كان يدور في داخله من رؤى وأحاسيس.
أما في حديثه عن عملية الكتابة أوضح لنا أن مدة إنجاز العمل تختلف حسب الظروف، فبعض الأحيان يستغرق لمدة سنة أو أكثر، وفي أحيانًا أخرى لا يتردد في تمزيق كل ما كتبه حين يشعر بالضياع بين النصوص، فالكتابة بالنسبة له ليست سباقًا، بل تتطلب صفاءً وصدقًا واستعدادًا داخليًا للبوح.
ذكر لنا الكاتب وسط حديثه أن التحديات كانت ولا زالت رفيقة دربه لكن برأيه أنها السند الحقيقي التي تنتشله حين يسقط وتدفعه لمواصلة الطريق بثبات أكبر.
أما بالنسبة لموهبة الكتابة، فقد بيّن لنا الكاتب أنها قريحة وموهبة يلهمها الله لبعض الأشخاص لكنها تحتاج إلى تطوير مستمر وصبر لتنميتها وصقلها، كما أشاد في حديثه بتطور صناعة الكتاب في عُمان وتنوع أشكاله بين الورقي والإلكتروني والصوتي، مع بقاء الكتاب الورقي محافظًا على مكانته في قلوب القرّاء، كما أشاد بالمبادرات الثقافية والدعم الحكومي للقرّاء كمنصة “عين”.
وفي حديثه وجّه الكاتب نصيحة للكُتّاب الشباب داعيًا في استثمار وقتهم في القراءة والكتابة وتقبل النقد البنّاء للتطور والنمو الأدبي، فهو السلم الذي يقودهم نجو النجاح.
أما في حديثه عن مشاريعه القادمة عبّر بفخر واعتزاز بمكتبة الدرة؛ والتي خطط لها بأن تكون منصة لاحتضان القرّاء والأدباء المبدعين، كما كشف لنا عن عمله على مشروع كتاب جديد يجمع خلاصة تجاربه وأفكاره ولا زال يخطّ حروفه بروح تبحث عن النضج قبل النشر، إيمانًا منه بأن كل كتاب يستحق أن يكتب بعناية وصدق.
وفي ختام الحوار وجّه الكاتب رسالة للقرّاء يحثهم فيها على الاستمتاع بما يقرأوه، واختيار الكتب التي تلامس أرواحهم وترضي شغفهم، إيمانًا منه بأن المعرفة رحلة حرة يعيشها كل قارئ بطريقته الخاصة.