عبدالله العدوي
مر الوقت سريعا واقترب الموعد الذي حدده صديقك القديم الذي تحب صحبته لزيارتك، ورغم الدهشة التي صدمتك لفرط سرعة مرور الأيام واقتراب الموعد المحدد، تحاول أن تنتشل نفسك من زحمة الحياة وتستعد للقاءه، في الأيام القليلة التي سبقت الموعد حرصت جيدا على اعداد ما لذ من الطعام وعلى تجهيز المكان الذي ستستقبله فيه، رتبت أدق تفاصيل الضيافة، وجاء الموعد المحدد؛ فاستقبلت صديقك بالطبول والأهازيج والإنارة المبهجة، ولكنك كنت طيلة وقت الزيارة مشغولا في ترتيب بروتوكلات الضيافة احتراما لصديقك الذي سريعا ما رحل وخلفك وحدك مع مظاهر البذخ والضيافة.
هنا … تتذكر بأنك لم تستمع لأحاديثه، ولم تسأله عن أحواله، وبأن زيارته لم تضف إليك شيئا…! أليس هذا الصديق يطرق بابنا كل عام؟ وألسنا من نحتفل به بقشور زائفة ونحرم أنفسنا من عمق المقصد فيه! نعم إنه رمضان… الذي وللأسف نستعد له بملئ مطابخنا ونرحب به بأهازيج الدراما والسهر المتأخر والنوم الكثير! ويدعي الكثير منا بأن الزمن قد تغير وحرمنا من روحانية الشهر الفضيل، وليقف هاؤلاء المتقاعسين عن حملتهم السلبية تلك، ويتذكروا بأننا نحن من نخلق روحانية رمضان بسلوكياتنا.
رمضان أيها الصحب فرصة ذهبية لخلق نمط حياة أفضل، وللتوقف عن عادات سلبية كنا نغض الطرف عنها واستبدالها بعادات ترقى بالإنسان وكينونته المحبة لحياة أفضل. وهنا … اسأل نفسي واسألكم أي خطة تلك التي سنشمر السواعد بها من أجل أفضل ٣٠ يوم بإذن الله في العام، لتكون خيرا مما سبق ونورا لما سيلحق؛ فالدراسات العلمية تشير إلى أن ١١ يوما كفيلة بجعل عادة ما جزءا من سلوكنا ومن ثم شخصياتنا فما بالنا نتهاون بهبة رزقنا الله إياها تتعدى ١١ يوما! بعيدا عن التعقيد كل ما نحتاج إليه وقفة مع النفس نسترجع فيها ماهية الصوم والغاية من تشريعه احتراما لفكرنا الذي كثيرا ما ننسفه بالتبعية، وكم هو ضروري الأخذ بيد الأبناء وتثقيفهم عن ماهية الشهر الكريم، ومن ثم فلنعقد الحزم بأن نتخلص من العادات التي نمقتها كتأخير الصلاة مثلا، أو حتى تلك التي لا تتصل اتصالا مباشرا بالدين كإهمال صلة القربى، ومن ثم فلنجعل لنا أهدافا لنغرس عادات جديدة نبدؤها مع بداية الشهر الكريم، مأملين النفس بأن تبقى سلوكا لا نحيد عنه إلى نهاية العمر بإذن الله.
ولننسف الصورة النمطية التي باتت مترسخة في الأذهان؛ فرمضان ليس بطونا متخمة ولا مسلسلات تافهة! كل ما نحتاج إليه خطة بسيطة والكثير من العزم والحزم… وهنا أتمنى أن يترك كل واحد منكم عهدا بينه وبين نفسه بأن يجعل من رمضان هذا العام أفضل شهر عاشه في حياته، وموعدنا للتقيم ذواتنا والوقوف على أوجه القصور والنماذج الناجحة بعد الشهر الكريم بإذن الله؛ لنستحق حينها بهجة العيد وندرك ما للشهر من غايات عظيمة. وبالنسبة لي : المحافظة على الفروض وتدبر القراءن والقراءة والرياضة وصلة الرحم أهم أهداف هذا العام … فماذا عنكم ؟