الصحوة – سليمة بنت عبدالله المشرفية
موضوع عدة المُتوفى عنها هو موضوعٌ دينيٌ بحت وقد أشبعه علماء الدين توضيحا وتبيانا ولم يتجاهلوا الأسئلةَ حوله رغم تكرارها وذلك في محاولةٍ منهم لاجتثاث البدعِ الكثيرة التي طرأت على هذا العمل التعبدي والتي لا تعد ولا تحصى من التعقيدات التي تضيّق على المعتدة حياتَها وتعسّر عليها ما هو سهلٌ يسير!
وقد ألف سماحة الشيخ أحمد الخليلي حفظه الله كتابا عن هذا الموضوع خاصة وفصّل فيه أحكامَ العدة والتزاماتها بعيدا عن هذه البدع الجاثمة على العقول والصدور إلا أن ورغم كل ذلك لا تزال هيبة هذه العادات تفرض حضورها وسطوتها رافضةً كل محاولة لتغييرها رغم بيان الشريعة وتقدم الأيام!
من المعلوم أن المعتدة في الشرع شأنها شأن أي امرأة أخرى من حيث الحقوق والواجبات إلا أنها تُنهى عن أمورٍ ثلاث تتمثل في الامتناع عن الزينة والزواج والخروج لغير الضرورة، أما المعتدة في عرف العادات فهي امرأةٌ لها طقوسٌ خاصة وقائمة طويلةٌ من الممنوعات التي ما أنزل الله بها من سلطان فهي في أبسط أحوالها تُمنع من رؤية كل ذكر عدا أقاربها وإن كان هذا الذكر طفلٌ لا يتجاوز عمره شهورٌ في هذه الحياة أو جنينٌ في بطن أمه!
المعتدة في عُرف العادات لا ترُد السلام على رجل حتى وإن جاءها هذا السلام عبر امرأةٍ في عقر دارها وهناك قوائمٌ عديدة من الالتزامات التي تختلف من منطقةٍ لأخرى بين مُضيّقٍ وأشد تضييق وكأنَّ الأمر لديهن أن أكثرهن تضييقا هي أحسنهن تطبيقا وإنما تعاليم الإسلام مبنية على التيسير “يريد الله بكم اليُسر ولا يريد بكم العُسر”
إن للعقلِ الجمعي المكوّن للعُرف الاجتماعي قوةٌ تكمن في اللغة الجماعية التي يقتنع بها الكثير وإن كانت حجتها لا تستوعبها عقول الأفراد ولا تستيغها ومن شذّ عن ثقافة القطيع فقد حكم على نفسه بمعارضة المجتمع ونبذه إلا أن وقتها يكون قد حرر نفسه من سطوة العادات البالية وعنجهيتها التي لا يقف أمامها دينٌ سماوي ولا علمٌ أرضي!