حاورته – ذكرى بنت راشد الهنائية
لطالما كان الشباب العنصر الحيوي الفاعل في مفهوم التنمية المستدامة و التركيز على تجاربهم الناجحة يجعل ذلك رافدا لأقرانهم ليحذوا حذوهم في النهوض بأوطانهم، لذا نسلط الضوء في هذ الحوار على المنجز عبد العزيز الكلباني الذي حظيت فكرته رواجا إعلاميا في السنوات الماضية والذي لم يخفت ضوءه منذ بداياته في التفكير للدخول في عالم ريادة الأعمال فقد سقط ونهض وحلم ففكر فأنجز لينال جائزة الإجادة الشبابية ويحظى بذلك ثقة بالغة من لدن صاحب السمو السيد ذي اليزن بن هيثم بن طارق آل سعيد في وسط معمعته في الإحتراق المفاجئ لمصنعه، يسرد لنا قصته كاملة في هذا الحوار .
بدايات الشغف للدخول في عالم ريادة الأعمال.
لنجاح أي مشروع وجعله واقعا يُستفاد منه كان لابد من الخبرة التدرجية الكافية فيه، فقد كان عبد العزيز في طفولته يعمل في محل صغير داخل بيته، وعند ولوجه لمرحلة الدراسة الجامعية الأولى اختار تخصص ريادة الأعمال، وفي سنته الأولى من الدراسة كان يدير عقارات كثيرة لاكتساب خبرة في هذا المجال تخول له ليؤسس مؤسسته الخاصة. أضاف الكلباني أنه تنقل في العمل بعد التخرج فعمل في البنك الأهلي وفي شركة بحرينية في هذا المجال، كما أنه أدار مباني تجارية مختلفة؛ فكل ذلك جعله يفكر بدراسة للسوق المحلي لعمان ومعرفة أكثر المنتجات التي يتم استيرادها لعمان وكمية الطلب والإستهلاك عليها، من هنا تأسست له فكرة لإنشاء مصنع من الفحم لكن بطريقة مغايرة عن غيره من المصانع الموجودة محليا وعلى مستوى الخليج والشرق الأوسط والتي تعمل في ذات المجال .
من البيئة إلى البيئة.
فكر الكلباني باستخدام جيمع مخلفات الأخشاب المرمية على سبيل المثال، مخلفات جوز الهند والنخيل والأثاث وغيرها من تلك المخلفات،على أن تتم إعادة تدويرها بطريقة آمنة وعن طريق تقنية عمانية كفاءتها أفضل من الخارجية .
صرح الكلباني قائلا :” ما يميز مصنعي أن جميع الآلات الموجودة فيه من تصنيعي الشخصي، حيث تنتج هذه الآلات أنواعا مختلفة من الفحم الطبيعي، الذي تستخدم بقاياه بعد استخدامه لتصبح محسنة للتربة لأن المواد الموجودة بداخل الفحم طبيعية وليست كيميائية وأن نظام الفلترة المستخدم مستنتج من عملية تقطير ماء الورد في الجبل الأخضر عن طريق التكثيف والتقطير”.
مميزات المنتج الذي أنتجه الكلباني أنه صدبق للبيئة ولا تصدر منه إنبعاثات كربونية ضارة بها.
دعم ورفد.
أوضح الكلباني أن فكرته في بدء الأمر لم تلاقي الدعم المؤسسي الكافي كحال أي فكرة جديدة تحتاج إلى إثبات نجاح كفاءتها وتجسيدها واقعا أمام العيان والجهات المؤسسية الداعمة، فبدأ عبد العزيز بسيطا في فكرته، كلما أنهى محاضراته في الكلية يذهب مساءً ليباشر صنع الآلات بنفسه متحملا عزلته صابرا من أجل تحقيق حلمه واقعا لينال بعدها رفدا من العديد من الجهات أبرزها مركز الإبتكار الصناعي وبنك التنمية العماني وصندوق الرفد.
احتراق المصنع.
لا تخلو الحياة من مفسدات وتحديات تؤجج سير العمل، احترق مصنعه في شهر أغسطس الماضي بعد مسيرة عمل وبناء وصبر دام لعدة سنوات فلم يثنه ذلك عن النهوض مجددا فقد قال :” احتراق مصنعي لم يوقفني عن مواصلة ما بدأته قبل سبع سنين”، بل اعتزم نهج طريق جديد للوقوف مرة أخرى في ساحة ريادة الأعمال وذلك بمعاونة من فريق العمل الذي اختاره ليساعده في النهوض بفكرته حيث قال” أنا لا أسميهم فريق عمل هم عائلتي فقد اخترتهم بعناية كبيرة”.
أضاف الكلباني أنه لم يدع الحزن يتملكه وقال أن ذلك دفع بلاء لما كان أعظم من الإحتراق، فبدأ بأخذ زمام الأمور للتصرف مع الخسائر التي أصابت المصنع فقد احترقت الآلات الموجودة داخل المصنع وسيستلزم ذلك صيانة كاملة للمصنع ولأن عبد العزيز هو من صنع تلك الآلات فقد أبدى أن تصنيع الآلات سيكون سهلا ، ونظرا لكسبه سمعة السوق المحلي لما حظيت به فكرته من إهتمام بالغ حتى قبل احتراق المصنع وعند احتراق المصنع وجد الدعم والرفد من الكثير من الجهات الداعمة في البلاد مثل مركز الإبتكار الصناعي، الهيئة العامة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وكذلك عدد من الشركات الخاصة.
كما صرح الكلباني أن نسبة معالجة إعادة صيانة المصنع تصل لمستوياتها الأخيرة فقط تبقى 10% من ترميم المصنع وسيعود للعمل في نهاية الشهربحلّة جديدة وقوة معهودة، مؤكدا أن كل ذلك كان نتيجة العمل الدؤوب من قبل فريقه في إدارة المصنع.
تكريمه بجائزة الإجادة الشبابية في مجال البيئة.
كان وقع الجائزة على عبد العزيز عظيما لم يكن يتوقع فوزه حيث أهّله ذلك الفوزلنيل بالغ الإهتمام من قبل صاحب السمو السيد ذي اليزن بن هيثم بن طارق آل سعيد وزيرالثقافة والرياضة و الشباب الموقر، فقد جاءت هذه الجائزة تعزيزا له لمواصلة سعيه الحثيث ومواصلةً لما بدأه قبل سبع سنوات .
الجدير بالذكر أن عبد العزيزقبل هذا التكريم، كرمته الكثير من الجهات الحكومية والخاصة فقد حصل على الكثير من الجوائز مثل حصوله على جائزة ريادة الأعمال لعام 2015 لأفضل مؤسسة صغرى، وجائزة الرؤية الإقتصادية لأفضل مشاريع القطاع الخاص، وجائزة أفضل المشاريع المتميزة في مجال رواد الأعمال الأول المقام في مملكة البحرين، كما حظي بتكريم من مركز الشيخ حمدان بن راشد للأداء التعليمي المتميز، وجائزة استدامة من شركة تنمية نفط عمان، وجائزة أفضل صاحب مشروع صغير على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي وجائزة مبادرات الشباب، وغيرها من الجوائز التي اهتمت بالمنجزين كمثله.
خطط الكلباني المستقبلية القادمة .
يسعى عبدالعزيز بالنهوض بمصنعه وتطويره بصورة تقنية عالية وتصدير منتجاته إلى خارج البلاد، كما صرّح أنه يقوم بعمل دراسة لتأسيس شركة أخرى تعنى بالتقنيات من حيث بيع الأجهزة الإلكترونية وصيانتها وتصنيع بعض الآلات التي تخدم مجالات مختلفة تكون صديقة للبيئة .
كلمة عبدالعزيز لإخوانه الشباب السالكين مسلكه.
ختم الكلباني كلامه قائلا :” إن عالم ريادة الأعمال عالم شاسع وواسع يتطلب الشغف لتطبيق الفكرة وعدم اليأس من الفشل الأولي وهو عالم شرس أيضا إذ لا يقوم على العاطفة إنما ينادي بالجدّية في التعامل مع التحديات بأنواعها، والتحلي بالصبر الذي أجد أن الشباب لا يطبقونه ويكون سببا فادحا للفشل، كما أن تنظيم الوقت نصف نجاح الفكرة”.