الصحوة – محمد بن سعيد القري
قبل أعوام مضت، كانت العديد من المزارع على سهل الباطنة تعتمد اعتمادا كبيرا على مضخات المياه الآلية التي تعمل بالديزل، صوتها في تلك الأثناء لم يكن يزعجنا ربما لأننا تعودنا على ضجيجها منذ نعومة أضافرنا، أتذكر تلك الشاحنات التي تبيع براميل الديزل لتشغيلها، ومع أن عملية تشغيلها كانت بالنسبة لنا متعة لأنها تحتاج إلى حركة باليدين، وتضبيط قوتها؛ إلا أن مخاطرها كانت كبيرة، وكم من حادث كانت عواقبه مؤسفة. وبالرغم من الإزعاج الذي كانت تصدره إلا أنه لم يكن سببا لاستيقاضنا في فترة الصباح، وكأن الأذن لا تعتبره صوتا مزعجا. وكانت تلك المكائن تتعطل كثيرا، وكان الميكانيكي العماني في تلك الفترة يأخذ وقتا طويلا من أجل أن يعيد إصلاحها؛ ويأخذ مقابل عمله أتعابا كبيرة، وغالبا ما يحتاج إلى قطع جديدة لاستبدالها قد ننتظر على ثرها أياما.
وبعد مرور عدة سنوات، ظهرت على الساحة “الدينمو” التي تعمل بالكهرباء، والتي سرعان ما أخذت مكان “مكائن” الديزل، والتي تميزت بصغر حجمها، وسهولة تشغيلها، ولا تحدث أي أزعاج كما أنها موفرة للمال، وسعرها غير مكلف. فأحدثت بذلك فارقا كبيرا، كما أن أعطالها لم تكن كبيرة ومعقدة.
مرة تعطلت “الدينمو” الكهربائية مما استدعى أخذها إلى محل لإصلاحها، أتذكر ذلك اليوم، حينما اضطر العامل تشغيل الآلة القديمة، في ذلك الصباح، وذلك الإزعاج… وتساءلت، كيف كنا نتحمل ذلك سابقا؟
كثيرا ما كنا نشاهد الأفلام القديمة والتي تصور لنا مشاهد القطارات التي لم نستقلها يوما في تلك الفترة، حتى أفلام الكرتون كانت تصور لنا ذلك المشهد، حينما يستخدم الناس القطارات التي تعمل بالفحم، وهي تنفث الدخان عاليا مسببة غيمة داكنة. وبعد أن سمحت لنا الظروف وسافرنا وتعرفنا على “المترو” و القطار ” الكهربائي”، ولم يتسنَ لنا تجربة القطارات التي تستخدم الفحم كما كنا نحلم ونحن صغار. ما الذي يجعل قطارات الفحم تلك تختفي، هل هي التكنولوجيا، أومن أجل الحفاظ على بيئة صحية دون ملوثات أو الإنسان نفسه؟
ما أجمل السيارات التي نقلتنا إلى حياة أكثر راحة، نعبر بها آلاف الكيلومترات في ساعات معدودة، ومسافات كانت تتطلب أياما لاجتيازها. سرعات جنونية وميزات أكثر رفاهية، قامت على إثرها العديد من الشركات وتفننت في الميزات التي تستجد كل يوم في عالم التقنيات الحديثة وأنظمة الحماية والتقليل من الوقود المستهلك، مما يعني مصاريف أقل.
وبالرغم من التقدم الكبير الذي أحدثته هذه التقنيات والآلات والمركبات، إلا أن السباق لا يتوقف يوما لإحداث ثورة صناعية أخرى تحدث فرقا كبيرا ليس على مستوى الدولة الواحدة بل بين القمم الصناعية المتنافسة.
إن ما تحدثه شركة “تيسلا موتورز” منذ عام 2016 م أمر مخيف في مجال صناعة السيارات الكهربائية، فأنتشارها أصبح يتصاعد وبقوة كل يوم، ليس على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية ، بل جابت الصين وغيرها من الدول الأوروبية، فقد أحدثت بطاريات الشحن التي تستخدم الليثيوم بنقلة نوعية في تحمل السيارة مسافات تربو على 400 كيلومتر بل يتوقع أن يصل طرازها المستقبلي إلى ألف كيلومتر، وسرعتها من المتوقع إلى أكثر من 300 كيلو متر، وبحسب ويكبيديا ستتجاوز 400 كيلومتر، وبدأت تسلا أيضا في صنع حافلات المدرسة الصفراء الكهربائية بدلا من الباصات التي تعمل بالبنزين؛ فقّل بذلك استخدام كميات كبيرة من البنزين الذي يتصاعد محدثا تلوثا للأنسان والبيئة، بل أصبحت قيادتها سهلة وعملية أكثر. وبالرغم من وجود الأخطاء الفنية التي تحدث في هذه السيارات والاستدعاءات المتكررة، إلا أن الإقبال عليها لم يقل. علما بأن الحكومة ساهمت في إقراض الشركة من أجل تصنيع مركباتها.
أي مستقبل ينتظرنا في هذا العالم، وهنا لن تقف الدول الكبرى المصنعة للسيارات موقف المتفرج؛ لأن المستقبل لا يعرف الرحمة، وحتى تتدارك أي خطر لابد أن تحارب بالطريقة نفسها على الأقل؛ لأن البقاء للأقوى، والأقوى هي التكنلوجيا، والأفكار الجديدة. لذلك جاءت تويوتا وكما هو معتاد كونها رائدة في الـ “الإدارة الرشيقة” ساعية إلى تغيير قواعد اللعبة، وكما هو موجود في بعض المصادر الخبرية (سكاي نيوز) نقلا عن “Nikkei Asia” الياابانية، بأنها ستطرح سيارتها الكهربائية الجديدة عام 2021م، بميزات أفضل، فمداها سيصل إلى 500 كيلومتر في شحنة واحدة، وبطاريتها ستكون صلبة للغاية، ويمكن إعادة شحنها في غضون عشر دقائق فقط وهي أيضا أكثر أمانا من بطارية الليثيوم…. الأمر ليس إعلانا أو ما شابه بل هي أمور تجعلنا نقف لنفكر في مستقبل الموارد على أقل تقدير، وأسعارها.
وأتساءل أيضا.. فكرة مشروع سيارة نور مجان الكهربائية التي أتذكره منذ عام 2007م ما مصيره؟