الصحوة – ظافر بن عبدالله الحارثي
تنقسم الجرائم إلى ثلاثة أنوع سأذكرها من الأشد إلى الأخف، أولا/ الجنايات وهي الجرائم المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المطلق أو السجن المؤقت من (٣) ثلاث سنوات إلى (١٥) خمس عشرة سنة، ثانيا/ الجنح وهي الجرائم المعاقب عليها بالسجن مدة لا تقل عن (١٠) عشرة أيام، ولا تزيد على (٣) ثلاث سنوات، وبالغرامة التي لا تقل عن (١٠٠) مائة ريال عماني، ولا تزيد على (١٠٠٠) ألف ريال عماني، أو بإحدى هاتين العقوبتين، ثالثًا/ المخالفات وهي الجرائم المعاقب عليها بالسجن مدة لا تزيد على (١٠) عشرة أيام، وبالغرامة التي لا تقل عن (١٠) عشرة ريالات عمانية، ولا تزيد على (١٠٠) مائة ريال عماني، أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ والملاحظ بأن المعيار المعتمد لتحديد نوعية الجريمة المرتكبة ما إن كانت جناية أو جنحة أو مخالفة هو معيار جسامة العقوبة.
وتنقسم المحاكم إلى محاكم ذات ولاية عامة ومحاكم ذات ولاية خاصة، ويندرج تحت هذا التقسيم محاكم أول درجة وهي محكمة الجنح وتتألف من قاصي واحد ينظر في قضايا الجنح والمخالفات ويقع مقرها في كل محكمة ابتدائية، ويليها محكمة ثاني درجة وهي محكمة الجنح المستأنفة والتي تتشكل من ٣ قضاة وتكون موقعها في مقر كل محكمة استئناف البالغ عددها في السلطنة ١٣ محكمة، ويندرج تحت هذا التقسيم أيضًا محكمة الجنايات والتي تتألف من ثلاثة قضاة وتكون موقعها في مقر كل محكمة استئناف وتعتبر ذات درجة وحيدة وليس درجة ثالثة وذلك على أساس أن التقاضي على درجتان فقط، تتولى محكمة الجنايات النظر في قضايا الجنايات؛ أما في قمة الهرم تأتي المحكمة العليا وهي محكمة وحيدة تتمركز في العاصة مسقط، إلا أنها ليست محكمة موضوع بل محكمة قانون تحاكم الأحكام وليس الأشخاص ومع ذلك هناك بعض الاستثناءات على ذلك، أما المحاكم ذات الولاية الخاصة هي المحاكم التي تختص في نوع معين من القضايا وتعتمد على معيار شخصي أي تستند على شخص المتهم، وكذلك إلى معيار طبيعة الجريمة (كالمحاكم العسكرية، أو محاكم الأحداث)، واللذان يستمدان قوتهما من القانون الذي تناولهما في قانون خاص.
تتضح أهمية معرفة نوع الجريمة التي نعرفها من العقوبة المقررة لها ما إذ كانت المحكمة المختصة أو لا، كما أن لابد من الإشارة إلى أن معرفة قواعد الاختصاص لها أهمية كبرى نظرا لكونها تحدد المحكمة كذلك، ومن هذه القواعد: قاعدة الاختصاص النوعي والذي يقصد به أن لنوع الجريمة أهمية في تحديد المحكمة، وكذلك قاعدة الاختصاص المكاني وهو مرتبط بالتوزيع الجغرافي والذي يعتمد إما لمكان وقوع الجريمة، أو مكان إقامة المتهم، أو المكان الذي تم إلقاء القبض عليه؛ إلا أن الاستثناء على ذلك يتمثل في أن قد تطلب المحكمة من الوزير المختص لإحالة القضية لمحكمة أخرى نظرا لعدم مهنيتها أو لعدم ملائمتها من حيث المكان على سبيل المثال، والجدير بالذكر أن نطاق هذا الاستثناء يمتد في حال جرائم أمن الدولة، وبعض الجرائم الاخرى.
والجدير بالذكر أن طبيعة قواعد الاختصاص الجزائي يتميز بأنه ذات طبيعة آمرة وذلك على اعتبار أنه من النظام العام، إذ لا يجوز مخالفته من قبل الافراد بخلاف تلك القواعد الواردة في الإجراءات المدنية، ونظرا كذلك لأنه يتناول موضوعات ماسة بالمصلحة العامة للأفراد وليس مصالح شخصية، فضلا عن كونه القانون الذي يوقع العقوبات على المخالفين ويقيد الحريات، ويترتب على ذلك في المقابل أن يجوز للأفراد التمسك بدفع عدم الاختصاص في المسائل الجزائية في جميع مراحل إجراءات الدعوى الجزائية، فالاختصاص هو من أولى واجبات المحكمة التي تقرر للمحكمة حق النظر وإبداء الرأي من عدمه.
علاوة على ما سبق ذكره، تعد مبدأ العلانية من المبادئ العامة للمحاكمة الجزائية بحيث أن تعقد جلسات المحاكمات في مكان يستطيع أي فرد الدخول للقاعة والمشاهدة وذلك مع مراعاة الضوابط التي تحددها المحكمة، إلا أن يجوز للمحكمة أن تقرر النظر في الجلسة بشكل سري عندما يقدر رئيس الهيئة القضائية ذلك حسب طبيعة بعض القضايا ومراعاة النظام العام والاداب العامة، وفي المقابل إن كان الأصل في الجلسات العلانية فإن جلسات مسائلة الاحداث الأصل فيها السرية وقد تقرر المحكمة أن تأذن لبعض الاشخاص الدخول بحكم صفاتهم كالمرافق الاجتماعي على سبيل المثال؛ ومن قبيل المبادئ العامة كذلك مبدأ شفوية الإجراءات ومبدأ عينية الدعوى الجزائية (أي أن المحكمة لا تدخل وقائع جديدة في حال تعديلها الوصف والقيد الجرمي أو حتى وصف الاتهام).
مما لاشك فيه يعد قانون الإجراءات الجزائية هو الإطار الذي يحتوي على مجموعة القواعد المنظمة لعمل السلطة التنفيذية في تطبيق القواعد الجنائية الموضوعية، وهي التي تحدد الإجراءات التي تتم على اثر آرتكاب الجريمة والتي تتخذها السلطات المختصة وتستمر حتى صدور حكم نهائي بات والتي تبدأ من مرحلة الاستدلالات ثم التحقيق واخيرا المحاكمة، فهذا القانون الإجرائي يعتبر بأنه قانون الجزاء في حالة الحركة، وهو الذي يتبعه القاضي الجزائي عند المحاكمة فضلا عن القواعد الدستورية الواردة في النظام الاساسي الدولة.