الصحوة – سليمة بنت عبدالله المشرفية
حين سأل الملك في عصر سيدنا يوسف عليه السلام حاشيته عن منام راءه لم يتدخل أحد بما لا يفهم به بل كان جوابهم جميعا وبلا تردد”قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين” فقد اعترفوا بجهلهم في هذا الموضوع من دون خجل والاعتراف بالحق فضيلة بعض النظر عن دين الشخص أو مذهبه..
بينما ونحن لا نكاد نجلس مجلسا إلا وفيه أناسٌ يتشدقون بما لا يعلمون مفتخرين بأنهم على دراية وعلم (ربما يكون وحيا سماويا) فأحدهم تمر عليه السنوات والأيام ولا يفتح كتابا واحدا ولم يشاهد برنامجا هادفا ومع ذلك يدّعي أنه لا يقل علما من أولئك العاكفين على أمهات الكتب والقائمين على الدراسات العلمية والمختبرات والمراصد!
الكل يتحدث في كل شي فلا يكاد يُفتح موضوعٌ ديني إلا ولهم فيه رأي فقهي في مسائله بل ورأيهم الصواب الذي لا لبس فيه وكذلك الحال في السياسة والاقتصاد والطب والفلك والهندسة!
ولقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قال”سيَأتي علَى النَّاسِ سنواتٌ خدَّاعاتُ يصدَّقُ فيها الكاذِبُ ويُكَذَّبُ فيها الصَّادِقُ ويُؤتَمنُ فيها الخائنُ ويُخوَّنُ فيها الأمينُ وينطِقُ فيها الرُّويبضة”
فالرويبضة هذا يدلس على الناس في أمر دينها ودنياها ويزيف عليهم الحقائق ويشوشها في أذهانهم سيما مع كثرة التكرار والفراغ الكبير في حياته الذي يسمح له بذلك !
إن ادعاء العلم والتشدق بالمعرفة مع عدمها هو من باب الجهل المركب الذي يصعب علاجه حيث أن صاحبه لا يعلم وهو يظن أنه فلتة زمانه ونابغة عصره وأكبر همه يكمن في إثبات نفسه ولفت الانتباه إليه ويجهل أو يتجاهل أنه بهذا التصرف يصبح شخصاً متعدٍّ وظالم لنفسه ولمن حوله”وإنّ كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم إن ربك هو أعلم بالمعتدين”