الصحوة – رقية سيف عبدالله الجلنداني / اختصاصية التغذية
لوحظ في الآوانة الأخيرة، و خاصة في فترة الجائحة، اهتمام غالبية المجتمع بالبحث عن أطعمة تعمل على تعزيز الجهاز المناعي. من الأمثلة الشائعة على هذه الأطعمة في مجتمعنا العماني مشروب القرنفل، الزنجبيل، العسل، و الليمون، و تناول فاكهة البرتقال. إن جهازنا المناعي معقد في تركيبه، ويتأثر بتوازن منظومة من العوامل، و ليس فقط بالنظام الغذائي، أو بغذاء معين. يعمل النظام الغذائي المتوازن بفاعلية أكثر على تقوية الجسم لمحاربة العدوى والأمراض إن تم اتباع نمط حياة صحي، مثل النوم الكافي، و ممارسة الرياضة، و الاهتمام بالحالة النفسية. توجد العديد من العوامل التي تعمل على إضعاف الجهاز المناعي، مثل تقدم العمر، و الملوثات البيئية، و الضغوط النفسية، وقلة النوم والراحة، والسمنة، وسوء التغذية، ونقص العناصر الغذائية المسؤولة عن إصلاح وتعزيز الجهاز المناعي.
تناول المرء احتياجه من العناصر الغذائية، وضمن نظام غذائي متنوع مهم لصحة ووظيفة جميع الخلايا، بما في ذلك الخلايا المناعية. تعمل هذه الأنظمة الغذائية على مساعدة الجسم لمجابهة العدوى البكتيرية أو الالتهابات، و لكن من غير المرجح وجود أطعمة معينة خاصة لتعزيز المناعة. إن كل مرحلة من مراحل الاستجابة المناعية تعتمد على وجود مجموعة معينة من المغذيات الدقيقة. من الأمثلة على هذه المغذيات فيتامين ج، وفيتامين د، والزنك، وعنصر السلينيوم، والحديد. يمكن الحصول على هذه العناصر من الأطعمة المتنوعة ذات المصدر الحيواني والنباتي.
يتأثر الجهاز المناعي بالأنظمة الغذائية قليلة المحتوى والتنوع من العناصر الغذائية، مثل التي في أساسها أغذية فائقة المعالجة. يُعتقد أن النظام الغذائي الغني بالسكريات المكررة، واللحوم الحمراء، و القليل احتواءً على الخضروات و الفواكه يمكن أن يسبب اضطرابًا للمايكروبايوتا”البكتيريا النافعة” في المعدة. يؤدي هذه الاضطراب إلى الالتهابات المعوية المزمنة، و مايرتبط بها من إضعاف للمناعة. يعيش عدد هائل من البكتيريا النافعة في أجسامنا، وأغلبها في الأمعاء. أصبحت هذه البكتيريا مجالًا للأبحاث، بسبب دورها الرئيسي في المناعة. تنتج الأمعاء البروتينات المضادة للميكروبات، والغذاء يلعب دورًا كبيرًا في تحديد أنواع البكتيريا الموجودة في الأمعاء.
وجد بأن النظام الغذائي الغني بالألياف، والفواكه، والخضروات، والحبوب الكاملة، والبقوليات يعمل على دعم نمو البكتيريا النافعة والحفاظ عليها. تقوم أنواع من هذه البكتيريا على تحويل الألياف إلى أحماض دهنية مفيدة لنشاط الخلايا المناعية. توجد الكثير من المنتجات التي يكتب عليها تحتوي على “prebiotics”، أو “probiotics”، أو تحتوي على الاثنين معًا. إن استخدام مصطلح “prebiotics” يدل على وجود الألياف و السكريات قليلة التعدد ” Oligosaccharides ” والتي تعمل على تغذية المستعمرات البكتيرية المفيدة والمحافظة عليها. في حين إن استخدام مصطلح “probiotics” يدل على وجود بكتيريا حية ونافعة في المنتج، و من الأمثلة على هذه المنتجات الروب، و الخضروات المخللة.
تتأثر الاستجابة المناعية بنقص عنصر غذائي واحد. وجدت الدراسات أن التأثر يكون ملحوظ بنقص عنصر الزنك، والسلينيوم، والحديد، والنحاس، وحمض الفوليك، وفيتامين ب 6، وفيتامين ج، و فيتامين د، وفيتامين ه. هذه العناصر تعمل كمضادات أكسدة لحماية الخلايا، وتدعم نمو ونشاط الخلايا المناعية، وإنتاج الأجسام المضادة. وجد بأن الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية هم أكثر عرضة للعدوى البكتيرية والفيروسية، وغيرها. إن الاعتماد على النظام الغذائي الجيد و المتماشي مع تعليمات طبق الأكل الصحي “Healthy Eating Plate” يعمل على منع نقص العناصر الغذائية الضروربة لصحة الخلايا المناعية.
توجد مجموعة معينة من الأشخاص الذين لا يتمكنوا من تناول مجموعة متنوعة من الأطعمة المغذية، أو الذين يزداد احتياجهم للعناصر الغذائية. في مثل هذه الحالات ينصح بتناول مكملات المعادن والفيتامينات، والتي تعمل على سد احتياجات هذه المجموعة. ولكن وجب التنويه بأن تناول هذه المكملات يجب أن يكون تحت الإشراف الطبي، تجنبا للآثار الجانبية للمكملات و حالات التسمم التي يمكن أن تظهر تباعًا. علينا تذكر أن المكملات هي ليست بديل للنظام الغذائي الجيد، حيث لا يوجد مكمل غذائي يعمل عمل الأطعمة المفيدة.
ختامًا، الجهاز المناعي يمكن تعزيزه من خلال اتباع النصائح التالية: اتباع نظام غذائي متوازن يشمل الفواكه والخضروات والبروتينات والحبوب الكاملة و شرب الكثير من الماء، وممارسة الرياضة، والتوقف عن التدخين، والنوم الكافي، و التحكم بالتوتر و الضغوط النفسية من خلال استراتيجات مختلفة مثل التمرينات الرياضية أو التأمل أو ممارسة هواية معينة أو التحدث إلى صديق موثوق به أو ممارسة التنفس المنتظم والواعي، و أخيرًا غسل اليدين طوال اليوم بعد نشاط و عمل.