الصحوة – حمد بن ناصر السناوي
أحيانا نجد أشخاص يتصنعون الإصابة بمرض ما ربما من أجل الحصول على تعويض مادي أو تقاعد طبي أو حتى تقليل الأعباء الوظيفية في حالة بقائهم على رأس العمل ، لكن هناك من يتصنع المرض لسبب سلوكي بحت ويتقمص دور المريض ليحصل على تعاطف وإهتمام الاخرين دون أن يفكر في أي تعويض مادي. هؤلاء يعانون من ” متلازمة مونشاوزن “وهو أس مستوحى من اسم ظابط في الجيش الألماني في القرن الثامن عشر والذي إشتهر في براعته في إختلاق القصص والأكاذيب التي تبرز قوته وشجاعته .
مريض المنشاوزن يقوم بإختلاق الاعراض المختلفه و قد يقنع الأطباء بإصابته بمرض معين بسبب قدرته على إدعاء الاعراض و إصطناعها ، عادة ما يكون على دراية بالامراض وربما يكون من العاملين في القطاع الصحي ، و يتردد على مختلف الأطباء ويجري العديد من الفحوصات وقد يصل الامر الى تعرضه لعمليات جراحية لا يحتاجها ولكنه يفرح بها .
حدثني احد الزملاء من الدول المجاورة عن مريض إدعى أنه مصاب بمرض نقص المناعة المكتسبة “الأيدز” ، وإستطاع – بحكم عمله في المختبرات الطبية – أخذ عينة دم من مريض آخر مصاب بذلك المرض و استخدامها عندما طلب منه الطبيب اجراء الفحص المخبري ، كان من الغريب جدا أن يدعي شخص ما الإصابة بمرض خطير مرتبط بالكثير من وصمة العار.
مريض آخر من إحدى الدول الأوروبية كان يحاول جاهدا إقناع طبيب الجراحة أن يبتر ساقه رغم أنها سليمه ، وبعد أن يأس من الحصول على مراده تعمد أن يغمس ساقه في الثلج لساعات طويلة مما أدى الى أصابتها بالغرغرينا فاضطر الطبيب أن يبترها.
تشير الدراسات الطبيه الى وجود نوعا آخر من المنشاوزن يدعى متلازمة المنشاوزن بالوكالة وهو أن يقوم شخص بالغ ( عادة الام ) بتلفيق الاعراض لطفلها وتزوير الفحوصات الطبيعه كان تقوم بجرح إصبعها مثلا و إضافة قطرات من دمها في عينة البول ليظن الطبيب ان الطفل مصاب بمرض في كليتيه، هذا النوع أكثر خطورة و يعتبر نوعا من الإساءة للطفل وقد يؤدي الى وفاته او إصابته بمضاعفات خطيرة.
تعدد النظريات التي تحاول فهم سلوك مريض المنشاوزن الا أن أغلبها يشير إلى وجود خلل في مرحلة الطفولة يشعر الطفل خلالها أن الحصول على الحب والاهتمام يرتبط بإصابته بالمرض.
بقي أن نقول أن تشخيص حالة المنشاوزن لا يتم الا بعد إجراء التقييم الطبي الدقيق و إستثناء الحالات المرضية الشائعة كي لا يتسرع الطبيب في إعطاء المريض التشخيص الخاطئ