الصحوة – ظافر بن عبدالله الحارثي
يعرف القانون الإداري وفق المعيار المختلط “هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم الأنشطة الإدارية، التي تمارسها الجهات الادارية في الدولة، والتي تهدف إلى تحقيق المنفعة العامة”، وتستخدم الجهات الإدارية في ممارستها أساليب وامتيازات القانون العام، فمن خصائص هذا القانون أنه حديث وقضائي النشأة، مرن وسريع التطور؛ ومن أبرز هذه الأنشطة القرار الإداري الذي يعد عملًا قانونيًا يصدر من جانبها، إلا أن بالرغم من ذلك وضع المشرع لها أركان وخصائص وشروط معينة لصدورها وذلك على إعتبار تعلقها بحقوق الأفراد ومراكزهم القانونية.
إن للقضاء الإداري والجهات الإدارية (ذاتها) دور هام في الرقابة على تصرفات الإدارة، ليس فقط للنظر في مدى صحة تصرفاتها، بل أيضًا لضمان خضوع السلطة التنفيذية بشكل عام والإدارة بشكل خاص للقانون بل واحترامها، وأيضا لضمان عدم تعسفها، حيث يتم ذلك في الغالب بناءً على تظلمات الأفراد أو شكواهم على تصرف الإدارة، لذا تأتي هذه المقالة لخلق المثقف القانوني وتكوين الشخصية القانونية التي تتطلب التمحيص والتدقيق والفحص قبل التسليم لأي قرار والاعتقاد بإلزاميته وهو قد يحمل ضررًا لمن صدر بحقه.
من خصائص القرار الإداري: (أ- أنه عملٌ قانوني،
وبالتالي ذلك يخرج الأعمال المادية من نطاقه على اعتبار أنها لا تحدث أثر قانوني وعلى سبيل المثال ينطبق في الصدد: (الأعمال الفنية، والأقوال الشفوية، والأعمال التحضيرية التي تسبق إصدار القرار الإداري وغيرها…)، ب- القرار الإداري تصرف قانوني من جانب واحد وهذا يقودنا إلى عدم اعتبار العمل القانوني الذي يتم بتوافق إرادتين قرارًا إداريًا بل يعد عقدًا أو اتفاقًا، ج-القرار الإداري هو تصرف قانوني نهائي، د- أن يكون يكون القرار إداريًا بمعنى صدوره من سلطة إدارية وطنية بشرط أن لا يكون القرار الاداري محصنا أو له طريق خاص كالقرارات المتعلقة بأعمال السيادة، والأوامر السلطاني السامية).
وحتى يكون القرار الإداري صحيحًا لابد من قيامه على خمسة أركان وهم: ١/ الشكل وهو المظهر الخارجي الذي يجب أن يتخذه القرار، ٢/ محل القرار الاداري وهو الأثر المباشر والحال الذي تقصده إرادة الجهة الإدارية الصادرة للقرار إلى إحداثه، ٣/السبب ويقصد به الحالة القانونية التي بشأنها تدفع الجهة الإدارية لإصدار القرار، ٤/ الغاية وهي الهدف الذي يسعى القرار لتحقيقه، وأخيرا ركن الإختصاص وهي ليست فقط مقررة لمصلحة الادارة بل أيضًا لمصلحة الأفراد وذلك لسهولة تحديد المسؤولية وتوجيه الجمهور من الأفراد لدائرة المعنية.
إن القرار الإداري قد يشوبه عيوب وبالتالي تجعله غير مشروع، منها على سبيل المثال(عيب مخالفة القانون، وعيب الشكل، وعيب اساءة استعمال السلطة أو كما يسميه الفقه الإداري عيب الانحراف، وكذلك عيب عدم الاختصاص)؛ وتنطوي أهمية معرفة كل ذلك الآثار والنتائج التي ترتبه كدعوى الإلغاء وهي الدعوى التي ترفع في القضاء الإداري من قبل الأفراد المتضررين من القرار الاداري الصادر من الجهة الإدارية وذلك للمطالبة بإلغاء هذا القرار المخالف للقانون، بل وطلب التعويض إن استحق ذلك.
في هذه المقالة وشكل موجز ومختصر سلطت الضوء على عمل من أعمال الإدارة الشائع والذي يكاد يكون ممارسًا كل يوم، وربما لأكثر من مرة في اليوم الواحد وهو إصدار قرارا إداريا، وأن الأهمية التي تتجلى في هذه المقالة هي رفع مستوى الوعي لأعضاء الجهات الإدارية من جانب ليراعوا أداء واجبهم على أكمل وجه دون ضرر آخذين نصب أعينهم الواجبات المنصوصة عليهم والتي لم تذكر على سبيل الحصر على اعتبار أن في مجال القانون الاداري لا توجد شرعية إدارية، ومن جانب آخر تثقيف الجمهور بشكل عام سواء المشتغلون في القطاع العام أو غيرهم ممن تصدر بحقهم القرار، على ألا يفهم من ذلك الدفع بالتحريض لا سمح الله بل مؤكدًا على رسوخ مفهوم دولة القانون وأسس العدالة لتعزيز الأمن القانوني.