الصحوة – فاطمة المقبالية
إن الكتابة فن ومهارة وعالم رحب، يحمل الكاتب في طياته رسالة عظيمة للقارئ. فالكتابة تحمل رموز ودلالات يجهلها الشخص العادي، فيعيها الكاتب ويترجمها، ثم ينقلها لنا في نص متماسك، فيوقظنا على أشياء قد نغفل عنها أحيانا.
ومع الكاتبة” أسماء سالم الحوارية”، في إصدارها الأول “إن هي إلا أسماء” وهي خريجة بكالوريوس في اللغة الانجليزية والترجمة من جامعة صحار، تعمل حاليا في وزارة الثقافة والرياضة والشباب، إنسانة شقت طريقها في بدايات الكتابة، ولها طموح عالٍ للوصول إلى المزيد من التقدم والنجاح، ووسط كلماتها الرائعة في فندق” ريدسون بلو” دار حوارٌ لتخبرنا عن رحلتها في عالم الكتابة والأدب.
أول إصداراتها
ذكرت الكاتبة أن أول إصدار لها هو كتاب” إن هي إلا أسماء”، الذي صدر في الثامن عشر من نوفمبر من عام ٢٠٢٠م، معبرةً عن شعورها بالفرح إزاء إصدارها الكتاب، فكانت بالنسبة لها الفرحة فرحتين، حيث كانت تحتفل بالعيد الوطني ال٥٠ المجيد، المقرون بفرحة نشرها للكتاب الذي كانت تنتظره منذ سنوات فهو يعتبر إصدارها الأول، والحلم الذي لطالما سعيت من أجل تحقيقه.
مشيرة إلى سبب انتقائها هذا العنوان الذي يحمل معانٍ مختلفة، تذكر أولاً أن العنوان مشتق من اسمها “أسماء”، والسبب الآخر هو أن الكتاب يحمل نصوص بعناوين مختلفة لذلك أخذت عنوان الكتاب من القران “إن هي إلا أسماء ….”.
وفي إجابة عن سؤالنا ذكرت أن وراء تألفيها للكتاب الكثير من المواقف والآراء التي أثرت فيها، فسردتها في نصوص كتابها، فتلك الأحداث والمواقف حكاياتٌ حدثت في واقع حياتها، فقامت بصياغتها ونسجها بطريقة جميلة؛ لتوصل من خلالها رسالة للقارئ عبر تلك النصوص المبعثرة.
وأفادت أن الكتاب بمجمله يحوي نصوصا تعني لها الكثير؛ ولكن النص الأقرب لقلبها والذي هو بالنسبة لها “نهجُ حياة” هو ذلك النص تحت عنوان “عبر عن مشاعرك: عبر عن مشاعرك وعما يحويه قلبك من أحاسيس، أخبر من تُحب عن حبك له ومن جرحك عن جرحه لك ومن أسعدك عن إسعاده لك، أخبرهم جميعاً ولا تدع مشاعرك تتأرجحُ بداخلك ولا تحتفظ بها لنفسك”.
وأوضحت عن سبب كتابتها لهذا النص بالذات؛ أنها اعتقدت بأنه لابد أن يعبر الإنسان عن مشاعره دائماً وألا يدعها تتقوقع في صدره وتؤذيه، أياً كانت هذه المشاعر فـمن حق نفسه عليه ألا يهلكها بالكتمان ويؤذيها بمشاعر الخذلان، لتؤكد من خلال رسالة هذا النص وتقول لكل من حولها بأن الله عز وجل لم يخلق الإنسان ليكون وحيداً، والدليل على ذلك عندما خلق لأبونا آدم أمنا حواء، لذلك نحن لم نخلق عبثا وخلقنا لنجد حولنا أرواحا تألفنا ونألفها تحتاج إلينا ونحتاج إليها بكل تأكيد.
وأكدت أن المدة التي استغرقتها لإنجاز كتابها الأول ما يقارب عاما وعدة أشهر، مشيرة أن المدة تعتمد على نوع ومحتوى الكتاب.
ومن منطلق أن الحياة مليئة بالصعوبات وضحت لنا الكاتبة العثرات والصعوبات التي لاقتها أثناء إنجازها الكتاب الأول، فأكثر التحديات التي واجهتها هي الوقت، إذ ترى أن الحياة مليئة بالانشغالات، فلا تجد متسعا من الوقت للكتابة، أما بالنسبة لباقي التحديات كصياغة الجمل، وترتيب الأفكار، فهي مجرد شكليات.
كما ترى الكاتبة أن لو كانت الحياة كتابا مفتوحا سيكون عنوانها الأنسب ” للحياة بقية”، وربما يكون عنوانا لكتاب قادم.
ماذا تعني لها الكتابة؟
تقول إن الكتابة بالنسبة لها هي كل شيء في الحياة. هي متنفس وحياة أخرى، تجدها عالما آخرا، في ظل الضجيج والصراخ اللذان يملآن العالم الواقعي، فتأخذ من الكتابة ملاذا بعيدا عن صخب الحياة. فتستريح روحها للكتابة، وتعتقد بأن الكتابة هي الحياة والمتنفس والملاذ حيث قالت” لو أنني لستُ أكتب لكنتُ فقدت روحي منذ زمنٍ بعيد”.
وحول موضوع ماهية الكتابة، ذكرت أن الكتابة هي كل شيء، هي فن، وهواية، وعلم، فعندما تريد أن تكون كاتباً مبدعاً فأنت تحتاج إلى كل ذلك من وجهة نظرها. كما تعتقد أنه لا ضير من أن تتحول هواية الكتابة في يوم من الأيام إلى مصدر شهرة، ومهنة لها.
بداية رحلتها إلى عالم الكتابة
أكدت لنا الكاتبة أسماء أن بدايتها في عالم الكتابة كانت في عمر صغير، حيث كانت تكتب عن كل شيء تراه وتحس به، غير أنها عرفت نفسها بصورة أكبر عندما كانت تقام في المدرسة مسابقات للكتابة، كانت تشارك فيها، حيث كانت تتوج كتابتها ضمن الكتابات الأولى وحصلت على مراكز متقدمة، هنا عرفت وعرف من حولها بأن لديها موهبة الكتابة ويجب المحافظة عليها وتنميتها. ومنذ ذلك الوقت وهي تمارس الكتابة وتسعى إلى تطويرها.
الملهمين والداعمين
أشارت إلى الأشخاص الذين يشكلون الجانب المضيء والداعم الحقيقي لها، والمساندين لسيرها قدما نحو هذا الاتجاه الأدبي، والذين يشكلون نقطة فارقة في حياتها العامة ليس فقط كونها كاتبة، و إنما كإنسانة حيث قالت:” هنا سوف أتنفس الصعداء قليلاً، ثم أُجيب على هذا السؤال العميق بالنسبة لي… أولاً عائلتي من والدي وأخوتي فهم الداعمين لي منذ الصغر، ثم عائلتي الصغيرة من زوجي وأطفالي؛ ولكن يبقى زوجي هو الأساس والذي لم يقف في طريق تحقيق أحلامي، بالعكس لم أجد سوى الدعم منه للمواصلة وعدم التوقف عند محطة واحدة، وبالنهاية الأصدقاء الذين هم أيضاً قاموا بدعمي لتقديم المزيد، فأولئك هم الملهمين بالنسبة لي “. كما ترفع القبعة لكل شخص في حياتها، خصوصا جمهورها في منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، فهم داعمون لها أيضا من خلال آرائهم وكلماتهم الصادقة.
مواقف من حياتها
ذكرت الكاتبة موقفا طريفا حدث لها أثناء نشر كتاباتها عبر منصات التواصل الاجتماعي، وابتسمت حينما قالت: “كنت ذات مرة أكتب في صفحتي على “الفيس بوك”، ثم أرى كتاباتي في صفحة أخرى موقعة باسم صاحبة الصفحة، عندما سألتها قالت بأن ما في صفحتها يعودُ لها، فتركتها ولكن منها تعلمت بأن أضع اسمي أسفل كل ما أقوم بنشره”. مشيرة أن ما يضرك، يعلمك وينفعك غالبا.
وذكرت بعض النجاحات الفارقة في حياتها التي تشعرها بالفخر والاعتزاز إلى اليوم؛ فبعد توقفها عن الدراسة وخروجها حاملةً لشهادة الدبلوم وذلك بسبب ظروف خاصة، تجاوزت كل تلك العثرات رغم كل ما قيل فيها، وتخرجت بشهادة البكالوريوس بمعدل ممتاز من جامعة صحار، فكان ذلك بالنسبة لها شيئاً مختلفا ونجاحا عظيما حيث أنها أثبتت للجميع بأن الوعد الذي قطعتهُ على نفسها قد تحقق. كذلك الذي أضاف لهذا النجاح نجاحا آخرا، هو يوم توقيعها لإصدارها الأول والذي فيه رفعت رأسها، ورأس كل من يحبها.
نظرتها المستقبلية، نصائح وتوجيهات
أجابت بكل شغف عن طموحاتها الكثيرة والمتعددة منها مواصلة مسيرها في الإنتاج الأدبي، وأن لها إنجازات قريبة، وأنها سوف تصبح في يوم من الأيام كاتبة معروفة محليا ودوليا، وأضافت أنها ستواصل دراستها الجامعية العليا.
كما قدمت نصيحة للمبتدئين في الكتابة بأن يكتبوا ما يشعرون به، وألا يوقفهم أحد عن صنع أحلامهم، ولا يصغوا لأولئك المحبطين.
وعبرت عن وجهة نظرها حول ما يعتقده الكثيرون من أن الكتابة هي عملية سهلة وعشوائية خصوصا مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدة أن الكتابة ليست بتلك السهولة قطعاً، حيث قالت:” أنا أنظر للكتابة على أنها متنفس لي لكي أعبر من خلالها عن خلجات نفسي ومكنون فؤادي، لكن الكثيرون يمتهنون الكتابة ويعتبرونها مصدر دخلٍ، فيمارسون ذلك بعشوائية ومن غير ذوقٍ، لذلك لسنا جميعا ننظر للأمور بنفس النظرة وكل منا له زاوية مختلفة يرى بها العالم”.