الصحوة – منال الشكيلية
ها هي أجواء “الشعبانية” تعود بعد انقطاع عامين بسبب ما خلّفه كورونا اللعين وتبعاته البائسة. وأهالي صور العفيّة يرحبّون بقدوم هذا اليوم، الذي طال انتظاره بلهفةِ المشتاق المُحب للحظاتِ الفرح التي تحتضن هذه العادة الزاخرة بالموروثات العريقة التي يتعاقبها الأجيال جيلاً بعد جيل، حيث ينتظرها الأطفال بلهفةٍ وشغف في الرابع عشر من شهر شعبان من كل عامٍ هجري.
تبدأ طقوس هذه العادة الجميلة والمميزة، منذ صباح الرابع عشر من شهر شعبان حتى المساء. حيث يستيقظ الأطفال باكراً، مبتهجين كنشوة قدوم العيد، يرتدون أجمل الأزياء العمانية التقليدية، ثمَّ يذهبون إلى البيوت المجاورة قارعين أبوابها؛ لتقدّم لهم الهدايا والحلويات والمبالغ المالية البسيطة، والبهجة تملأ وجوههم وهم يسربلون ثوب الفرح مرددين العبارات الشعبية “أعطونا شعبانية” ، “أعطونا حق الوقفة”.
فترى الحُسن البهيّ، يكتسي وجوه بنات صور وهنَّ يرتدين الزي الصوري التقليدي، المزدان بالنقوش الجميلة التي تعكس التراث العماني الأصيل، كما يتزينَّ بالحُلي التقليدية، وتكتمل الزينة بمنظرها الزاهي الأنيق بوضع الحناء على اليد والأرجل.
كما يرتدي الأولاد الصغار، الدشداشة ذات الثوب الطويل المطرّز يدوياً بأشكالٍ وزخارف مختلفة مُتقنة الصُنع. إضافةً إلى الكمة أو الطاقية العمانية ذات النقوش والخيوط المتنوعة، التي تتقن في صنعها المرأة الصورية بدقة عالية جذابة.
وتجسّد الشعبانية في صورتها البهيّة، شكل التلاحم والتواد الاجتماعي، الذي يعزز ويغرس قيم التواصل والألفة بين الأقارب والجيران، وإدخال البهجة والفرح على قلوب الأطفال. حيث يشترك فيها كل بيت في الولاية، ويستقبلونها استقبالاً تملؤه الشعائر الدينية والعادات الاجتماعية التقليدية.