الصحوة – ظافر بن عبدالله الحارثي
الطلب في الدعوى هو الحق أو المركز القانوني المطلوب حمايته في نطاق ما يطلب الحكم به، وهو الطلب الذي يقدم بغية صدور حكم فيه؛ إذ أن القاضي يلتزم بالحكم في حدود ذلك الطلب، بحيث لا يمكنه الحكم بأكثر من ذلك الطلب، كما لا يمكنه الفصل في الدعوى متجاهلا الطلب، فالقاضي لا يباشر نشاطه دون طلب، كما لا يمكنه مباشرة الحماية القضائية وصيانة المصالح من تلقاء نفسه، فالقرار المكتسب لحجية الامر المقضي والذي يفصل في الحقوق والمراكز القانونية يرتبط بالحدود الواردة في الطلبات الموضوعية التي يطرحها الخصوم.
لم ينص القانون العماني شكلًا معين لكيفية إبداء الطلبات الختامية، ولكن من خلال القراءات للنصوص التشريعية نستنتج بأن على الطلبات أن تكون واضحة غير مبهمة وإلا لفتح باب المرافعة مرة أخرى لاستيضاح المبهم، كما أن من حيث الزمان الذي يقدم فيه تلك الطلبات الختامية، فيجب أن تقدم قبل إغلاق باب المرافعة وإعلانها لحجز الدعوى؛ والجدير بالذكر في هذا الموضوع مسألة ما مدى جواز تقديم طلبات جديدة في حال تصريح المحكمة بجواز تبادل المذكرات اثناء حجز الدعوى وكذلك الامر في حال فتح باب للمرافعة مرة أخرى، ومع اختلاف وتنوع آراء الفقهاء إلا أنهم جميعًا في نهاية المطاف اتفقوا على جواز تقديم طلبات جديدة بشرط إعلام الطرف الاخر وتمكينه من الرد -وهو الرأي الراجح.
إن العبرة ليست بالطلبات السابقة بل في الطلبات الختامية في الدعوى التي تدلل على تصميم ورغبة الخصومة، فالخصم له أن يعدل في طلباته في مواجهة خصمه أثناء نظر الدعوى مع إثبات ذلك، وللمحكمة عقب انتهاء المرافعة أن تنطق بالحكم في الجلسة أو يجوز لها تأجيل إصداره إلى جلسة أخرى قريبة تحددها، كما يجوز للمحكمة إعادة فتح باب المرافعة بعد تحديد جلسة للنطق بالحكم وذلك بقرار مسبب تصرح به المحكمة في الجلسة ويثبت في محضرها ولا يكون ذلك إلا لأسباب جدية تبين في محضر الجلسة؛ الأحكام تصدر وتنفذ باسم جلالة السلطان، وقبلها تكون المداولة في الأحكام سرا بين القضاة مجتمعين، ولا يجوز أن يشترك في المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة وإلا كان الحكم باطلا.
إن القانون الاجرائي المتمثل في قانون الاجراءات المدنية والتجارية العُماني حدد الالية المتبعة في تقديم الطلبات العارضة والتي تختلف بطبيعة الحال عن موضوع المقالة، وكذلك الأمر بالنسبة للطلبات الإضافية التي يتقدم بها المدعي والطلبات المقابلة والتي يقدمها المدعي عليه في صورة دفوع، وفيما يتعلق بالطلبات الختامية اتفق المشرع العماني مع المشرع المصري في مسألة كفاية الاشارة والاحالة للطلبات في حال عدم وجود اي تعديل على الطلبات التي تم ابدائها للفصل فيها بدايةً، بخلاف ما فعل المشرع الفرنسي الذي تطلب الاسترجاع او الاستعادة مرة أخرى في تلك الطلبات في المذكرة الختامية والا عد ذلك تنازلًا ضمنيًا للطلبات.
لاشك بأن هذه المقالة لها أهمية خاصة تتمثل في معرفة تفاصيل الاجراءات المتبعة والتي من خلالها تتضح عملية التقاضي برمتها والتي تحكمها القوانين والنظام القانوني، إذ أن بسبب جهلها قد نرى الكثير من الاراء التحليلية البعيدة عن إطار الموضوعية والتي تفتقر للمعرفة بسبب عدم الممارسة ربما أو التخصصية، وهذا الأمر بحد ذاته لا أعده شخصيًا من قبيل الخطأ وإنما أقول محسنًا الظن اجتهاد جانب الصواب، ولكن في المقابل نقول في عصر تفجرت فيه المعلومات وأصبحت متيسرة للكافة، علينا أن نضمن إتباعنا لمنهجية البحث والتقصي لاسيما في التحقق من مدى صحة المعلومة التي نمتلكها.