الصحوة – طيبة المعمرية
تُعد ظاهرة السيارات المهملة، المفككة الأوصال في الميادين والطرقات، من أبرز الظواهرالسلبية التي باتت تشوه المنظر الحضاري للمحافظة والتي تُعد بؤرة إزعاج لقاطني الأحياء السكنية، فضلاً عن الخطر الأمني والبيئي الذي يسببه تكدس هذه المركبات في الأماكن العامة. الأمر الذي استدعى لتكاتف الجهود الحثيثة من قبل الجهات المعنية للحد من انتشار هذه الظاهرة من خلال تكثيف الحملات الرقابية والتفتيشية بصفة دائمة واتخاذ الإجراءات اللازمة لاستئصالها، من أجل الارتقاء بجودة الحياة وتحقيق أعلى معايير السلامة والصحة العامة والمظهر الحضاري الجميل.
ظاهرة مزعجة
تُشكل السيارات المُهملة على جنبات طرق المناطق السكنية قلقاً لسكانها، فوجود المركبات متروكة بين المنازل والشوارع بوسط الأحياء السكنية أكثر خطورة من إهمالها في العراء، حيث أن لتلك المناطق طبيعتها الخاصة التي تميزها عن الأخرى، لاسيما أن وجودها متروكة لفترات طويلة قد يؤدي إلى استفادة بعض الأشخاص منها بأشكال مخالفة أو مشبوهة. ولم يقتصر وجود السيارات المتهالكة في الأحياء السكنية بل تعداه إلى وجودها مركونة في الشوارع والأسواق التجارية نتيجة لاستغلال المواقف بشكل غير لائق، الأمر الذي يزعج مرتادي تلك الأماكن، مما يصعب عليهم إيجاد مواقف لسياراتهم ويحرمهم من حقهم في استخدام المواقف العامة، والذي يعتبر تعدياً على الحق العام. فضلاً عن الزحام والعرقلة في انسيابية حركة المرور التي تسببها تلك المركبات المُهملة في الشوارع والميادين وبين المنازل مما يؤدي إلى إمكانية تهديد سلامة مستخدمي الطرق.
خطراً بيئياً
حفاظاً على البيئة من الظواهر السلبية التي تشكل خطراً جسيماً عليها فإن السيارات المُهملة المركونة في الطرقات تُعد واحدة من أسباب التلوث البيئي والتي تتطلب عدم التراخي تجاهها، حيث تكمن الخطورة في تعرض هذه السيارات المُهملة لعوامل الطقس المختلفة، مما يُعرض أجزائها التي تحتوي على مواد كيميائية للتحلل والتفاعل مع البيئة المحيطة حولها، ويتمركز ضرر هذه المركبات في تحولها لمرتع للقوارض والحشرات والحيوانات الضالة. كما يستسهل البعض رمي المخلفات على جنباتها فتصبح مكباً للنفايات لينتقل التلوث من كونه خطراً بيئياً لخطر جسيم على صحة الإنسان مهدداً لحياته.
استئصال الظاهرة:
ونظراً لانتشار الظاهرة بشكل لافت مع تنامي الآثار المترتبة على ترك المركبات التالفة في الأحياء والساحات العامة، جاءت المساعي الواضحة من الجهات المعنية للتصدي لهذه الظاهرة وتكثيف الجهود المشتركة بهدف تسريع وتيرة استئصال هذه الظاهرة السلبية. وعلى غرار ذلك، فإن دوائر التفتيش الحضري بالبلدية تقوم بجهود متتالية للحد من هذه الظاهرة، متمثلة في تنظيم الزيارات الميدانية لرصد المركبات المهملة لفترات طويلة، أو تلك السيارات التي تشغل حيزاً في الساحات بغرض البيع دون رجوع أصحابها إلى الجهات المختصة لاستخراج التصاريح اللازمة لها. كما يتعامل قسم التفتيش مع المركبات المُهملة بوضع ملصق تنبيهي على السيارات المتروكة بين الأحياء السكنية أو المواقف العامة مدته أسبوعين، على أن تتولى التنسيق مع شرطة عمان السلطانية للتأكد من عدم وجود بلاغ أو تعميم على المركبة أو أي قيود أخرى. كما يجوز للبلدية سحب وحجز المركبات المهملة في الساحات والأماكن العامة بعد انقضاء المدة المحددة من وضع الملصق التنبيهي وبعد الإخطار المسبق لصاحب السيارة لإزالة سيارته من المكان الذي تقف فيه، دون أن تتحمل البلدية العواقب أو الأضرار التي قد تصيب المركبة المتروكة خلال عملية نقلها وأثناء مدة حجزها. علاوة على ذلك، تقوم البلدية بدور فعّال ومتواصل من أجل التوعية بمضار الظاهرة وعواقبها على المجتمع صحياً وبيئياً. كما تؤكد على أهمية مشاركة الفرد في التوعية وتحمل المسؤولية والذي يعتبر تأكيداً لرسالة العمل البلدي عبر الحراك الاجتماعي.
أنظمة وقوانين:
يكتسي موضوع الحفاظ على المحافظة من ظاهرة المركبات المُهملة أهمية بالغة ذات أولوية، حيث جاءت اللوائح والقوانين منظمة لهذا الجانب، إذ نصت المادة (5) بفرض غرامة إدارية بعد حجز المركبة المهملة على مالكها عند مراجعته البلدية لتسلمها، مقدارها (200) ريال عُماني للسيارات، والحافلات المصممة لنقل (15) راكبًا فأقل، والدراجات، و(400) ريال عُماني للشاحنات، والحافلات المصممة لنقل أكثر من (15) راكباً، والقاطرات، والمقطورات، والجرارات، والمعدات، إضافة إلى (1000) ريال عُماني للمركبة المعدة لنقل المواد الخطرة، وتفرض على مالك المركبة المهملة غرامة بواقع (5) ريالات عمانية عن كل يوم يتأخر فيه عن تسلم المركبة المهملة من موقع الحجز.
ونصت المادة (6) على أن تتولى البلدية التنسيق مع شرطة عمان السلطانية لاتخاذ إجراءات بيع المركبة المهملة عن طريق المزاد العلني، وذلك في حالة عدم قيام مالك المركبة المهملة بمراجعة البلدية لتسلمها، وسداد المستحقات المترتبة عليها خلال (90) يوما من تاريخ سحبها وحجزها دون عذر مقبول.
كما نصت المادة رقم (79) من القرار المحلي رقم (1/2006) الخاص بوقاية الصحة العامة على: عدم جواز ترك المركبة على الطريق تفادياً لوقوع حوادث أو عرقلة لحركة السير”. وأشارت المادة (131) من اللائحة ذاتها إلى: “جواز حجز المركبة المهملة إذا وجدت مهملة في أي مكان على الطريق”.
وتأتي هذه الجهود المثمرة من قبل بلدية مسقط استكمالاً للدور المنوط لها بغية الحفاظ على جمالية ورنق المظهر العام للمحافظة، والتي من شأنها الارتقاء بحياة قاطنيها وبمنظومة التطوير للمحافظة، مع الحرص على استئصال هذه الممارسات والظواهر السلبية التي تثير مخاوف المجتمع. حيث من المؤمل وجود تعاون من أفراد المجتمع لإنجاح وتيرة الجهود المخلصة والمبذولة من قِبل الجهات المعنية لتحقيق مستوى حضاري يعكس رقي محافظة مسقط واستدامتها.