الصحوة –
يسعى كل إنسان دائمًا إلى تحقيق هدفٍ ما أو حلمٍ ما في حياته، إلا أن الكثير يستسلم قبل أن يصل إلى أية نتيجة ، لكن شهيرة الحسن كانت من أولئك الذين سعوا بشغف نحو تحقيق حلمهم، “كل خطوات أحلامك الصغيرة وعاداتك البسيطة وأمنياتك المتواضعة ستشكل يومًا ما نجومًا تتألق في حلمك الكبير ، و تلك هي باختصار قصتي مع حلمي.. حلمي الذي لن أسميه متواضع، حلمي الكبير الذي أطمح له بالعالمية ان شاء الله” هكذا عبّرت شهيرة عن تجربتها في تحقيق حلمها.
ترعرت شهيرة الحسن في الأردن، وبدأ حبها للقراءة في إحدى فصول مدارسها الحكومية ، فقد كانت تستعير من فضاء مكتبة المدرسة قصص الأطفال، وقصص المكتبة الخضراء، و قصص الأنبياء و ما شابه، فبحسب ما تقول، كان التحدث عن قصة ما يسعدها بطريقةٍ لا توصف، وأن والدتها -رعاها الله- تساندها في مجال القراءة والحديث عما كانت تقرأه في كل مراحل عمرها، وهي ممتنة لها جدًّا في ذلك.
تقول شهيرة: “تطور ذلك الحب إلى نهم، في مرحلة لاحقة من حياتي انتقلت إلى دولة الإمارات، و في إحدى مدارسها وجدت التشجيع على تلك الهواية، فبدأت بالقراءة باللغة الانحليزية بحكم لغة المدرسة، والكلاسيكيات أصبحت شغفي، أصبحت القراءة أهم ما أفعل في حافلة المدرسة و أصبحت إحدى طقوس ما قبل النوم ،أنهيت دراستي الجامعية و تزوجت، و كانت ما زالت القراءة ترافقني، كانت متعتي التي تؤنسني و ما زالت”.
كانت شهيرة تقرأ في مجال تخصصها (هندسة الديكور)، و كانت تحب القراءة في كل مرحلة تواجهها مثل (قبل الزواج، فترة الحمل، بداية مشروع ما )، وكانت على ثقة أنه لا توجد أية مشكلة لا يطرحها كتاب ما، و لا يوجد أي موضوع تستطيع التعرف عليه أكثر دون القراءة فيه ، “لقد تنوعت قرائاتي، أصبحت أحب كتب التنمية الذاتية حينًا، ثم الروايات حينًا آخر، وكان زوجي (المسكين) هو الوحيد الموجود لسماع ثرثراتي غير المنتهية عن كل كتاب اقرأه. ليس هذا فحسب، بل بدأت بعد قراءة بعض الكتب بالبحث عن الأفلام التي توثقها لنشاهدها معًا”.
انتقلت شهيرة مع زوجها (بحكم عمله) بين الأردن و السعودية والبحرين و مسقط ، إلى أن استقرت في دبي عندها قررت تنفيذ فكرة كانت “تحوم برأسها” منذ زمن كما عبّرت. “تركتُ عملي في مسقط عند انتقالنا إلى دبي، و في دبي كانت رفيقات المدرسة و الجامعة، ولاحت لي فكرة إنشاء نادي للقراءة حيث نقرأ كتاب شهريًا و نتناقش فيه”.
وقالت شهيرة أن الأقدار شاءت أن تعود إلى مسقط سريعًا، “في مسقط كان أغلب رفاقنا قد غادروها، بهتت الفكرة ،واكتفيت بالقراءة وحيدة، إلى أن كنت مع رفيقة اشتكت من هدوء مسقط (مقارنةً بالأردن و حياتها الاجتماعية) ، فاقترحت عليها أن تقرأ معي، و أنني بصدد إنشاء مجموعة نسائية تقرأ شهريًا، فاجئتها الفكرة، و بدت مملة لها بعض الشيء، لكنها الآن من أهم نجوم المجموعة”.
بدت معالم فكرة المجموعة تتضح في ذهن شهيرة ، كيفيتها وأهدافها و قوانينها و حتى شعارها، فأعلنت عنها في إحدى المجموعات في مسقط، وبعد ذلك بشهر، اجتمعت مع خمس نساء في المجموعة و أعلنت بداية (مجموعة الفراشات القارئات في مسقط) ، كان ذلك في 11 مارس 2015.
و عن سبب اختيار شهيرة لهذا الاسم قالت: “اخترت مسمى الفراشة لا لأنها جميلة و تعكس الأتثى الجميلة (كلاً و مضمونًا) فقط ، بل لأنها كذلك تعكس المراحل التي تمر بها الأنثى الواعية، في كل مرحلة تعتقد المرأة أن تلك نهاية تألقها، (كما الفراشة تنتهي من طور اليرقة لتطير، كذلك المرأة تتخرج تتزوج تعمل أو تنجب، هي تتحمل شتى المسؤوليات، و لا تنتهي هنا ثقافتها) فبيدها التحليق و التطوير من ذاتها “.
وتؤمن شهيرة أن المشاركة في مجموعة كهذه توفر المساحة للمرأة لتجد بعض الوقت من يومها لتقرأ كتاب شهريًا ثم تناقشه مع باقي العضوات في لقاء اجتماعي لا يقتصر على المقثقفات بل يجمع كل الفئات، وهي سعيدة ببداية المجموعة، و “ممتنة لكل عضوة بدأت معي هذه الخطوة ، خاصةً في مسقط الهادئة التي أحبها و أحب أهلها و أطمح ان يكون لي أثر إيجابي فيها”.
وذكرت شهيرة الحسن في حديثها أن بداية اختيارات الكتب كانت بسيطة وعدد النسخ لم تكن متوفرة دائمًا في مسقط، والمناقشات كانت بسيطة كذلك، العضوات كن قليلات لكن بعد تطورت المجموعة الآن و تألقت و كبرت ، فبعد مرور ثلاث سنوات قرأت (فراشات مسقط) 31 كتابًا و ناقشنه، حيث تنظم المجموعة لقاءات شهرية، كما تنظم استضافات لكتاب كذلك ، و فعاليات ثقافية خيرية .
“في بداية كل عام أحرص على تطوير نفسي بدورة تنمية ذاتية تضمن لي بداية صحيحة مرتبة لجدولي، على مشارف 2017 كنت إحدى مشتركات دورة (استعد 2017) للاستاذة هندة محمد ، كانت بداية عام مميزة حقًا، أغلب أهدافي و أفكاري كانت تتمحور حول مجموعتي في ذاك العام، وضعت خطة كيف سأطور المجموعة و أين نقاط الضعف فيها و وإلى ماذا أطمح”.
كان طموح شهيرة الحسن الأول هو نشر المجموعة في العالم العربي أولاً ثم في العالم، أن تنشئ نساء قارئات شغوفات في كل بلد عربي يقرأن نفس الكتاب شهريًا، و يجتمعن على شيء هادف مثري. تقول شهيرة: “خلال أشهر قليلة تواصلت معي إحدى المبادرات الثقافية للمشاركة في فعالية ثقافية في مسقط، سعدتُ كثيرًا و صممتُ إعلانات كثيرة تليق بالحدث الأهم الأول للمجموعة في مسقط”.
أنشأت شهيرة حتى الآن مجموعات أخرى في تونس والمغرب والأردن ، وحاليا يجري التنسيق لانطلاق مجموعة جديدة ، بمساندة وقيادة وإدارة أشخاص لهم الفضل كما ذكرت شهيرة. “هناك بلاد أخرى على الطريق، بإذن الله سنكمل الرحلة معًا سنحلق في سماء الثقافة معًا، سنقرأ و نتطوع و نجتمع بطاقتنا الايجابية التي أجزم أنها غيرت الكثير في حياة كل منا “.
وفي ختام حديثها للصحوة قالت: “هذه هي قصتي و أتمنى لكل شخص لديه شغف في أي مجال محاولة متابعته و الاستمرار فيه و أن يحيط نفسه بمن يشاركه هذا الشغف”.