بما أنّ اليوم يصادف الاحتفال بيوم المرأة العمانيّة وهو اليوم المُبهِج لنا جميعًا، دعونا نُعِدّ سيناريو جديد للاحتفال بهذه المناسبة العزيزة يكسر مللنا من طرق الاحتفال القديمة..
تخيّلوا معي أنّ يكفّ الإعلام عن تمرير صورة المرأة العاملة بصفتها النموذج الخارق الفريد؛ فعمل المرأة بفضل ما نشهده من تقدّم واسع أصبح شيئًا معتادًا بل وضروريًا وحقًّا أصيلًا كفله لها صاحب البلاد المفدّى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد أدامه الله، وبدلًا من أنّ نضيِّع وقتنا في تسويق نموذج مألوف للمرأة العمانية التي نعرفها ونثق في قدراتها وإمكانياتها جميعنا سنفكر بطريقة أبعد ونعقِد ندوة نقاشيّة ونأتِ بالمرأةِ العاملةِ هذه على طاولة الحوار وإلى جانبها سنأتي بأرقام حقيقيّة عن نسبة شغلها للوظائف القيادية العليا ودونها ونسبة تمثيلها البرلماني وموقعها من خارطة ريادة الأعمال بالسلطنة، ثم سنسألها برفق عن أهم المشكلات التي تواجهها وهي على رأس عملها، لنأخذ بيدها ونرى كيف يمكننا مساعدتها لتصبح أفضل وتقدِّم أجود ما لديها.
لنفترض أيضًا أن الورقة التي يعيدون نسخها كل عام والتي تضم أسماء النساء التي سيتمّ تكريمهنّ، وأغلبهنّ من الطبقة المخمليّة وفئة “الأكثر ظهورًا”، قد تبلَّلت جرّاء حادثة غير مقصودة بفعل انسكاب العصير المقدّم بالحفل عليها، واضطرّ القائمون على الحفل بتجهيز قائمة أخرى لنساء متحقِّقات جدًا وقدّمن لعمان –بصمت- انجازاتٍ كثيرة أعدّتهنّ ليكونن نموذجًا واعٍ وناضج يُحتفى به أمام الجميع، وهذه فرصة جيّدة لتستريح فئة “الأكثر ضهورًا” من اضاءة عدسات الكاميرا حفاظًا على سلامة نظرهنّ.
لنفترض مثلًا أن راعي الحفل استيقظ من نومه باكرًا وقرّر عمل شيء جديد، وفكّر في أنه عوضًا عن أن يهدي درعًا للنساء المكرّمات يهديهنّ بشرى بافتتاح حضانة في مقرّ عملهنّ لأطفالهنّ الذين تركنهم برفقة عاملة آسيوية وأتين لأعمالهنّ وهنّ يحملن حقائبًا من القلق! ولنفترض أن تقدّم -ولو خطأً- مع هذه البشرى توصياتٍ بتمديد اجازة أمومة المرأة العاملة فينال طفلها مُدّةً أكبر من الرعاية والتربية السليمة فيصبح مواطنًا صالحًا.
لنفترض أن الشركات العاملة لدينا ستتنبّه وأخيرًا أن الكائن الذي يكدح بداخلها يتأثر نفسيًا وبصفة طبيعية جرّاء التغيرات الفسيولوجية التي تجري بداخل جسمه، وعلى ضوء ذلك سوف تقرر مكافئة الموظفات باستضافة مختص يحاضر في الصحة النفسية للمرأة، ومختص آخر يحاضر في العادات الغذائية السليمة، لِم لا؟!
أنا مع الاحتفاء بالمرأة العمانية كلٌّ بحسب موقعها المهم في الحياة، ولكنّني في الوقت نفسه ومدفوعةً بفكر صاحب الجلالة الذي أكّد في مناسبات عديدة اهتمامه الكامل بمشاركة المرأة في مسيرة النهضة، أرفض وبشدّة أن يتم تسطيح الاحتفال بهذا اليوم لدرجة نسف كل ما يتعلق بقضايا المرأة المهمة وركله تحت السجادة الحمراء في قاعات الاحتفال!