الصحوة – نصر الحضرمي
في زمن مضى كانت صلالة قُبلة للرحالة والمستكشفين؛ فتجلت كمدينة شامخة ذات افق مفتوح على أسرار البحر العربي.
فإليها انطلقت رحلات الملكة حتشبسوت من أرض بلاد النيل تحمل وفودها وهداياها لتعود محملة باللبان المقدس الى معابدهم وقصورهم الفارهة ،فتعززت الروابط الحضارية بين عُمان والفراعنة كما هي غيرها من الحضارات التي سعت الى توثيق علاقتها بعمان في مختلف العصور.
هذه المدينة العريقة التي تشامخت عبر العصور والحضارات. رغم ما شهدته من حرب وسلم، ظل جبل سمحان شامخًا في عزته، ناثرًا روح المحبة والشجاعة على َمن حوله. وفي كل مرة ازدهرت صلالة بحُلَّةٍ أجمل، مستقبلةً بأذرعٍ ممدودة كل القادمين إليها من مختلف الثقافات والاعراق.
في قلب الصحراء الجامحة، تقف صلالة كأنها قطعة من الجنة، بموسمها الخريفي المغطى بالضباب والرذاذ، متحولةً إلى لوحةٍ فنيةٍ خضراء تتراقص شلالات عيونها طربًا.وينبثق الماء منها، ليبعث في المكان حياةً وسرورًا وفرحًا للشجر والطير والبشر.
هذه المدينة، التي تحتضن تاريخًا عريقًا، تفتح ذراعيها للزوار،محتفظةً بعزة جبال القمر وكرم شواطيء المغسيل وعراقة سوق الحافة وبهاء طبيعتها الساحرة، فهي تلك الجوهرة الخضراء في صحراء الجزيرة العربية،تنبض بالحياة والجمال، مخلدةً حضارتها الراسخة.
ففي أرجاء محافظة ظفار، تتجلّى أروع مشاهد الطبيعة الساحرة التي تأسر قلوب الزائرين وتُبهر بصائرهم. فمنذ حُزيران/يونيو وحتّى أيلول/سبتمبر، يتدفّق إليها آلاف السيّاح من مختلف بقاع العالم، جذبتهم جمالياتها الخلابة وأجوائها المنعشة.فعلى امتداد سفوح الجبال الشاهقة، تمتدّ بساتين خضراء تزدان بأزهار متنوّعة الألوان والأشكال، كأنّها قطع من الجواهر المتناثرة على الأرض. وتتخلل هذه البساتين السحريّة مجاريٍ مائيّة صافية كالبلّور، تتدفّق منها شلالات مفعمة بالحياة والحركة، كأنّها تُغنّي أنشودة الخلق الأبديّة.
إنّ الزائر لهذه المنطقة، يشعر وكأنّه قد انتقل إلى عالم آخر، حيث الطبيعة بكامل جلالها وهيبتها. فهو ينغمس في هذا الجمال الطبيعيّ، يتنفس عبير الزهور والأشجار، ويتأمّل في روعة المناظر التي تطغى على كلّ شيء آخر. ويحظى من هذه الطبيعة السحريّة بالسكينة والإلهام اللذين يشفيان روحه من متاعب الحياة اليوميّة ،فحقا إنَّ صلالة هي سويسرا العرب.