الصحوة – الزهراء سنيدي
منتظر الموسوي: يزدادُ شغفي يومًا بعد يوم بعلم أمراض الدم
الموسوي: المُجتمع العُماني وأمراض الدم الوراثية موضوعٌ معقّد
رحلَ إلى كندا حاملًا عُمان بين يديه كطبيب وفي قلبه كإنسان، باذلًا جهده في دراسة علم أمراضِ الدم، وها هو اليوم يقف في أكبر مؤتمر في العالم متخصص بعلم نقل الدم، مقدمًا بحثه في هذا المجال، ليفوزَ بجائزة أفضل بحث علمي لطبيبٍ متدرب. حاورت الصحوة الدكتور منتظر الموسوي، فأجابها بسعةِ صدرٍ بالغة ورحابةٍ غامِرة، فكان هذا الحِوار.
حدّثني عن تخصصك الدقيق كطبيب ولماذا اخترته؟
طبيب في تخصص علم أمراض الدم، وهذا التخصص يهتم بكل الجوانب التشخيصية لأمراض الدم بما فيها الأمراض الحميدة كأمراض الهيموجلوبين والتجلطات والأمراض الخبيثة كسرطانات الدم وغيرها، تعلقي بهذا المجال ليس بجديد فاهتمامي به بدأ منذ فترة دراستي للطب، وازداد شغفي بهذا التخصص شيئاً فشيئاً والحمد لله الذي وفقني الله لاستكمال دراسة التخصص الذي أحب.
ما هو عنوان بحثك الفائز وعن ماذا يتحدث؟
عنوان البحث هو “استخدام فحص روتم (ROTEM) أثناء عمليات زراعة الكبد يقلل من كميات بلازما الدم المستهلكة أثناء العملية”، بشكل عام عمليات زراعة الكبد من العمليات المعقدة والدقيقة جداً والتي قد ترتبط باستخدام كميات كبيرة من بلازما الدم، تُستخدم عادة بلازما الدم في هذه العمليات إما في حالات النزيف الحاد أو بناءً على نتائج أحد فحوصات الدم واسمه (INR)، إلا أن هذا الفحص قد لا يكون دقيقاً في حالات المرضى المصابين بأمراض الكبد، تساءلنا إن كان استخدام فحص (ROTEM) أثناء عمليات زراعة الكبد كمؤشر بديلاً عن (INR) قد يكون أدق لتوجيه استهلاك بلازما الدم أثناء العملية، ودرسنا هذا التساؤل حيث استنتجنا إلى أن استخدام فحص (ROTEM) بديلاً عن (INR) لتوجيه استهلاك بلازما الدم يُقلل من كميات بلازما الدم المستهلكة أثناء عمليات زراعة الكبد بنسبة تصل إلى ٣٠٪.
حدّثني عن هذا المؤتمر؟ وكم عدد البحوث المشاركة فيه؟
مؤتمر المنظمة الأمريكية لبنوك الدم AABB، هو أكبر مؤتمر لعلم نقل الدم في العالم ويقام سنوياً في مدينة مختلفة في الولايات المتحدة واحتضنته مدينة سان أنتونيو هذا العام، عدد الحضور تجاوز ٤٠٠٠ مشارك من مختلف دول العالم وعدد الأبحاث المشاركة تجاوزت ٥٠٠ بحث ما بين ملصقات بحثية وعروض شفهية، والحمد لله أن وفّقني بالمشاركة فيه.
صِف شعورك لحظة إعلامك بخبر فوزك؟
كانت مفاجئة رائعة بالفعل خصوصاً أن هذا المؤتمر يُعدّ أكبر مؤتمر لعلم نقل الدم في العالم ويشارك فيه ويحضره الآلاف من مختلف دول العالم، وهذه كانت أول مشاركة لي في المؤتمر ولله الحمد كانت مشاركة موفقة جداً
ما هو الدور الذي سوف يسهم به هذا البحث في خدمة الجانب الطبي بالسلطنة؟ والبحوث العلمية الطبية بشكل عام ودورها في التقدم الطبي؟
الأبحاث هي الغذاء الذهني في مجال الطب فهي تمنح الدليل والإثبات، من جانب هذا البحث بشكل خاص فإن عمليات زراعة الكبد بدأت في السلطنة مؤخراً وأنا أنصح القائمين على برنامج زراعة الكبد بمتابعة جميع الحالات وعمل قاعدة بيانات وتسجيل تفاصيل كل عملية من ناحية نتائج مؤشرات الدم والتجلطات وكميات مكونات الدم المستهلكة أثناء وبعد العملية، هذه البيانات إن سُجّلت ستكون مصدر لأبحاث عدّة مستقبلاً ومصدرًا لاكتشاف الجديد والتطوير المُستمر، أعتقد أن هذا البحث سيخدم هذا الجانب في عمان.
ماذا ينقص عُمان في مجال أمراض الدم؟
هناك تقدم في مجال الرعاية الصحية لأمراض الدم في عمان حيث يتم إنشاء المركز الوطني لأمراض الدم حالياً وهو لازال قيد الإنشاء إلا أن الصورة غير مكتملة وهناك نواقص تحتاج لوضع النقاط على الحروف، ولكن مع اجتهاد وتكاتف الجميع سيكون الوضع أفضل، نحتاج لخطة رعاية وطنية شاملة في هذا المجال تهتم بالمرضى خصوصُا أولئك الذين يعانون من الأنيميا المنجلية والثلاسيميا حيث تنتشر هذه الأمراض بكثرة في عمان، وآمل أن يتحسن الوضع مستقبلاً.
إن تعمّقنا قليلًا في المجتمع العُماني وأمراض الدم الوراثية، ما رأيك بعدم وجود تشريعات وقوانين تلزم الأزواج بالفحص قبل الزواج؟
هذا الموضوع معقد وشائك ولازالت دراسته قائمة، ليس من السهل ضخ مادة كهذه في المجتمع دون تهيئته بالعواقب، أعتقد أننا لا زلنا في مرحلة تثقيف المجتمع بأهمية فحص ما قبل الزواج، أما إلزامه فيحتاج لتكاتف المجتمع ككل وربما يحتاج لمبادرة وطنية، وأنا من هنا أحثّ المهتمين في المبادرات الشبابية أن يقوموا بعمل مبادرة وطنية شاملة لتثقيف المجتمع بأهمية فحص ما قبل الزواج لزيادة الوعي؛ فهذه الأمراض خطيرة جداً وانتشارها يسبب أزمة في الأسرة؛ فالتعامل مع أمراض الدم الوراثية ليس بالأمر السهل.
ماذا اكتسبت من دراستك في الخارج على الجانب الشخصي والدراسي والعملي؟
المكاسب كثيرة ولا يمكن حصرها، الدراسة في الخارج تصقل الشخصية وتُكسب الشخص مهارات كثيرة، الأهم من ذلك هو التعرف على طرق الرعاية الصحية في الدول المتقدمة والتي بالإمكان ترجمتها على أرضنا للتطوير. الطب متشابه في كل دول العالم ولكن ما يختلف هو ممارسة الطب، وأتمنى أن يكون لنا أثر في هذا المجال عند العودة إلى أرض الوطن.