الصحوة – أمل الشكيلية
إلى قُرة العَين.. حواء، أدعوكِ اليوم لتكوني هُنا قربي، وتقرئي كلماتي التي خرجت من لُبَ قلبي لتصل إليكِ، وأعلمُ أنها سَتصل إلى أَعمقِ نقطةٍ في قلبكِ. إليكِ يا من خُلقتِ من ضِلع أَعوج، وغفلَ أَبناءُ آدم عن ذلك، خُلقتْ حواء من ضِلعٍ أعوج مُراعاة لمشاعرِ حَواء التي لها تركيبةٌ خاصة، وضُربَ مثالًا بالضلع الذي هو معوج ليحمي الصدر والقلب، فالضلعُ الأعوج ينكسر إن حاولت تقويمه أو معاملته بالقوة، وهكذا حَواء، فلا بد أن تعاملها بلطفٍ ورأفة.
لا أَعْلَم ما تَشعرين به لكن الذي أَعَلمه أن عَاطفتكِ دائماً تَسبق قَلبكِ وعقلك، لا تُسيطرين على نفسكِ حِينما يُفتح لكِ باب الحُب لأنكِ خُلقتِ هكذا بالفطرة. لا أقولُ لكِ ألا تَدخلي عَالم الحَب، بل ادخلي، وجَربي كل شيء في الحياة، واعلمي دَائماً أَن التَجارب شيئاً مُدهشًا لأنه يَصنعُ منا كُتابًا، شُعراءً، أُدباءً، ولربما مَواهبَ لم نكتشفها سوى من موقفٍ واحدٍ من الحياة، واعلمي أيضًا ليسَ كُل الرجالِ رِجال، فالذكور في مُجتمعنا الشرقي كُثر فاحذرِ.
كُوني لِنفسكِ صادقة وفيةً؛ فَنفسكِ أَغلى ما تَملكين، فالسعادة ليست رَجلًا لكنه سَببًا، رُبما الخذلان أذبلَ عينيكِ الجميلتين، خذلانُ الأصدقاء والمقربين من قلبكِ؛ لأنكِ في عالمٍ كَثر فيه الحسد والكراهية وحُب النفس وخُبث القلوب، لا يَوجد اليوم سوى القليل من الذين يملكون قلبًا وضميرًا، ربما النَصف يركض وراءَ شهواته، راميًا وراءَ ظهره تلكَ القلوب المكسرة، أهم ما لديه أن يعيش سَعيدًا في تِلك اللحظة، لكن تأكدي يا دُرة العين أنّ كُل من آذى قلبكِ وخدشه سَيجازى قبل أن يموت، تأكدي ذلك، فالكرة الأرضية لا زالت تدور وما زال الله باقٍ.
أتعلمين بإن أنقى عاطفة هي الحُب، وللأسف تَلطخت في عَالمنا وأصبحت أسوأ العواطف. لا تَجعلي الزواج هَمكِ الوحيد كلما كَبرتِ عاماً، بل اجعلي العلم سِلاحكِ، ثقفي ذاتكِ، تطوعي، اجعلي لحياتك رونقاً خاصًا يليقُ بكِ، فالزواج ليسَ مصباحَ علاء الدين لتحققي كل ما تريدين، اعملي بنفسك، تألقِ بذاتك وبنفسك، وتَفاخري.
في مِجتمعنا لا ينظرون إلى نجاحاتك إلا بحدود قليلة، مُجتمعنا يهمه أولاً مظهركِ، اسمكِ، نسبكِ، أصلكِ، وأشياء لا أصلَ لها سِوى أنها تندرج تحت ما يُسمّى “العَادات والتقاليد”، الكلمة التي لا زَال المجتمع يعيشها في جهل.
كُوني سَيدة ذاتك ونفسك، أنتِ جميلة كَما خلقتِ، ويا حَبيبة الفؤاد لا تنزعجي من شكلك ِ، أنتِ جميلة كما أنتِ، وسَيأتي يوماً من يُحبه ويَهتم بأجمل تفاصيلك، وتذكري هذه العبارة: لكل وجهٍ راغب، ومَعيار الجمال إنما في الأخلاق يا عزيزتي.
تعلَّمي كيف تَقفلين أبواب قلبكِ، قبلَ أن تتعلَّمِي القِراءة والكِتابة ،عيشي حياةً لا تنسى، وحققي كل أحلامكِ، وعندما تتوهين في دروب الحياة، تَذكري أن هُناكَ رب، صلاة، ودُعاء، واستغفار سينتشلكِ مما أنتِ فيه، وسَتعودين كالياسمينة التي تعصف بها الظروف لكنها تَظلُ فوّاحةً برائحتها القوية الذاكية.
لا تَجعلي مواقف الحياة تُنسيكِ نفسك، بل اتخذيها سِلاحًا لإصلاح نفسك، ولكي تعودين أقوى مما كنتِ، لا تَكوني سَجينة نفسك، حرريها، وافعلي ما يحلوا لكِ؛ فإنما لكِ حياةٌ واحدة ستعيشينها على هذه الأرض، فعمريها بما تَحلوا به نَفسك، وتطيب؛ فالمشاكل في هذه الحياة لا تنتهي .
وأنتم أيها الآباء، لا تزرعوا في بَناتكم سوى الأخلاق الرفيعة، عَلموهن أن لا يستحين عندما يتطلب الأمر الدفاع عَن أنفسهن، أنصتوا لهن دائماً، واسمعوا منهن قَبل عن تسمعوا عنهن، عَلموهن أن يكنَّ سيدات أنفسهن، امنحوهن الحرية في حياتهن مع التوجيه والإرشاد، لا الإجبار، وتذكروا أن الرفق بهن وصية حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، ولا أنسى أن أبعثَ برقية شُكر لكل أب وأخ وزوج يساندهنَّ، ويكون لهنَّ عوناً، ولا يُثقلُ كاهلهن.