القدس // افتتح رئيس باراجواي هوراسيو كارتيس أمس سفارة بلاده لدى إسرائيل في مدينة القدس، ما يجعل باراجواي ثالث دولة تتخذ هذه الخطوة المثيرة للجدل بعد الولايات المتحدة وجواتيمالا.
وألقى كل من كارتيس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو كلمة أثناء مراسم افتتاح السفارة في الحديقة التكنولوجية في المالحة بالقدس الغربية، وعلقت لافتات باللغات الإنجليزية والعبرية والعربية كما رفعت أعلام باراجواي بالقرب من مداخل السفارة.
وأعلن كارتيس المعروف بصداقته مع إسرائيل معلقا على نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس «إنه حدث تاريخي».
وأضاف أن «هذا العمل له مغزى عميق بمعنى أنه يعبر عن صداقة باراجواي الخالصة والتضامن الكامل مع إسرائيل». وقال: «أثمن دولة إسرائيل التي تدافع بكل شجاعة عن حقها بالعيش بسلام، إنه تبني دولة حققت ازدهارا اقتصاديا يستحق كل التقدير، وهي تضمن مستقبلها ومستقبل أبنائها».
من جهته قال نتانياهو موجها التحية لكاريس: «هذا هو يوم عظيم لإسرائيل ولباراجواي ويوم عظيم للصداقة بيننا، فلقد اتخذت باراجواي موقفا شجاعا للغاية في العلاقات الدولية، ورفضت التعاون مع الأكاذيب التي تروج ضد إسرائيل، سنذكر ذلك إلى الأبد».
وأشار نتانياهو إلى توقيع عدد من اتفاقيات التعاون بين البلدين مضيفا: «يوجد بيننا تعاون عظيم، وهو سيتحسن ويتوسع، نبحث ملفات المياه والزراعة والتكنولوجيا والأمن، ونريد أن نحقق المزيد».
وذكر نتانياهو بامتنان مساعدة باراجواي ليهود هربوا من ألمانيا النازية قبل وخلال وبعد وقوع المحرقة، كما ذكر باعتراف ودعم باراجواي لإقامة دولة إسرائيل في الأمم المتحدة.
ووصل كارتيس الأحد إلى إسرائيل.
وقام نتانياهو في العاشر من سبتمبر بجولة في أمريكا اللاتينية هي الأولى من نوعها، واعتبرت تاريخية منذ تأسيس دولة إسرائيل، حيث زار الأرجنتين وكولومبيا والمكسيك، والتقى في بوينوس ايريس رئيس بارجواي الذي حضر خصيصا إلى هناك.
وقال نتانياهو: إن زيارته عززت العلاقات الاقتصادية والأمنية والتكنولوجية مع أمريكا اللاتينية، وشكلت تعزيزا لمكانة إسرائيل الدولية، وهذا هو حراك نقوده بشكل ممنهج وناجح».
واستنكرت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي قرار باراجواي.
وقالت في بيان: «إن اتخاذ هذا الإجراء الاستفزازي وغير المسؤول يعد انتهاكا صارخا ومتعمدا للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية».
وأضافت: إن ذلك «يأتي في سياق النهج التآمري الذي تسلكه باراجواي سيرا على خطى الولايات المتحدة وجواتيمالا؛ بهدف ترسيخ الاحتلال العسكري واستكمال ضم مدينة القدس، عاصمتنا المحتلة».
و حذت باراجواي حذو الولايات المتحدة في خطوتها المثيرة للجدل، وهي ثاني دولة من أمريكا الجنوبية تنقل سفارتها بعد غواتيمالا.
ونقلت السفارة الأمريكية إلى القدس في 14 مايو، وشهد ذلك اليوم مواجهات دامية على حدود قطاع غزة أسفرت عن مقتل حوالي ستين فلسطينيا وجرح أكثر من ألفين بنيران الجيش الإسرائيلي.
وتزامن ذلك أيضا مع الذكرى السبعين للنكبة وتهجير أكثر من 760 ألف فلسطيني في حرب 1948.
ودعت عشراوي رئيس باراجواي إلى «التراجع عن هذا القرار غير الأخلاقي واتخاذ خطوات جادة وفاعلة لمساءلة دولة الاحتلال ومحاسبتها على جرائمها وانتهاكاتها المتعمدة لحقوق الإنسان».
وأضافت «يتوجب على باراجواي الوقوف إلى جانب العدالة والكرامة والعمل على تعزيز فرص السلام والاستقرار بدلا من تأجيج العنف وعدم الاستقرار في المنطقة وخارجها».
وناشدت عشراوي الدول الأعضاء بالجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وحركة عدم الانحياز ودول العالم التي تحترم القانون الدولي والدولي الإنساني وإرادة المجتمع الدولي قطع علاقاتها مع الدول التي تدعم الاحتلال الإسرائيلي وسياسته الأحادية.
ومن جهة ثانية دانت الحكومة الأردنية أمس افتتاح سفارة باراجواي لدى إسرائيل في القدس.
وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة محمّد المومني: إن «هذا الإجراء يمثل خرقا لميثاق الأمم المتحدة وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة» مشددا «على بطلانه وأن لا أثر قانونيا له».
كما أكد أن «القدس الشرقية هي عاصمة الدّولة الفلسطينية» بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية «بترا».
من جهته أدان أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات أمس نقل الباراجواي سفارة بلادها إلى مدينة القدس المحتلة، وأعرب عريقات في بيان له عن الرفض الفلسطيني القاطع لهذه الخطوة غير القانونية.
وقال: «لقد شهدنا اليوم قيام زعيم سياسي غير مسؤول مثل رئيس الباراجواي باتخاذ خطوة افتتاح سفارته بمخالفة صارخة لقواعد القانون الدولي التي كرس من خلالها إضافة عقبة جديدة ومشكلة في وجه تحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط».
وأضاف: «البارجواي لا تنتهك قرار مجلس الأمن الدولي 478 فحسب، بل تنتهك أيضا كرامة شعوب أمريكا اللاتينية التي كافحت من أجل حريتها وعدالتها ضد القمع».
وأكد عريقات أن القيادة الفلسطينية على تواصل حثيث مع العديد من الحلفاء الذين تربطهم علاقات دبلوماسية مع الولايات المتحدة، والباراجواي وجواتيمالا، من أجل البدء بالخطوات الدبلوماسية الأولى ضد خطوتهم غير القانونية.
ودعا في هذا السياق إلى تفعيل وتنفيذ قرارات القمم العربية التي اتخذت في عمان، وبغداد، والقاهرة حول قطع العلاقات مع أية دولة تنقل سفارتها إلى القدس أو تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وكان إعلان ترامب في 6 ديسمبر 2017 الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، أثار غبطة الإسرائيليين وغضب الفلسطينيين.
واعتبر كثير من الفلسطينيين قرار ترامب بمثابة استفزاز، واستدعت السلطة الفلسطينية سفراءها من الدول التي نقلت سفاراتها إلى القدس.
والقدس في صلب النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين. وقد احتلت إسرائيل القدس الشرقية عام 1967، وأعلنتها عاصمتها الأبدية والموحدة في 1980 في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي وضمنه الولايات المتحدة. ويعتبر الفلسطينيون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المنشودة.