الصحوة – سُعاد بنت سرور البلوشية
الشوع شجرة ليس للإنسان يدُ في وجودها ولكن له يدُ في توظيفها بما يخدم احتياجاته وتطلعاته، حالها كحال مختلف الأشجار والنبتات التي تظهر في مساحات شاسعة من أرضنا عُمان، ففي زيارة رائعة وخاصة قمنا بها إلى ولاية تنوف وما أكثر الولايات التي نأمل بزيارتها والتعرف على مكنوناتها، بعد أن غدى التنقل والوصول إلى الكثير من الوجهات والمعالم يسيراً وسهلاً.
دار الحديث حول أهم النباتات والزيوت المحلية المعروفة في الولاية، بعد أن استوقفنا ونحن في دهشة مشهد نصرا الريامية وهي قابعة تحت أشعة الشمس الذهبية تدعك الشوع بأناملها، ليشكل في عصارته أمامنا زيتاً ذا قيمة غذائية عالية ويستخدم في بعض العلاجات الشعبية، ولعل وسائل الإعلام تطرقت في وقت ما لهذه النبته المهمة، إلا أن للإبداع سيرة مغرية في كثير من الأحيان.
فعلى الرغم من تحسن نمط الحياة وتطورها بمواكبة مختلف التطورات، لا يمكن إسقاط بعض المهن والحرف من قائمة الحياة سواءً لأجدادنا أو أبائنا وأمهاتنا، بل ثمة شغف كبير يعترينا ويدفعنا باستمرار للبحث والاطلاع بحُب وفضول على الأعمال التي مارسها الأولون، والوقوف على تفاصيل الطرق والآليات التي ابتكروها وسخروها في وجه تلك الظروف، طمعاً في الظفر بحياة كريمة آنذاك.
لدى هؤلاء السيدات أمثال نصرا حكايات وما أكثرها مع الحياة في القوة والشجاعة والصبر النابع من عوامل عدة أهمها طريقة العيش في تلك الحقب الزمنية، والعادات والتقاليد والقيم الاجتماعية العميقة والمهمة الموازية للترفيه والتسليه مع الاعتماد على النفس في إدارة البيت وتلبية احتياجاته، فالعديد منهم تزوج في سن مبكر جداً وكثيرات منهن إفتقدن الأم والأب، ساعين ببارقة أمل نحو نقاء الحياة بحلم مسالم، ” لم أتخلى عن ممارسة هواياتي في المهن والحرف التي أحببتها مُنذ الصغر، وفي استخلاص زيت الشوع اشباع لحاجات عدة، وهذا مبدأ سرنا عليه منذ القدم، من أجل حياة مُشرفة نستحقها”.
ثمة اشباعات معنوية ومادية متحققة تشعر بها نصرا وغيرها من النساء، ممن سلكاً نهج مبادرات الأسر المنتجه وريادة الأعمال وإدارة المشاريع الصغيرة والمتوسطة من البيوت، وتوظيف الخامات الصديقة للبيئة والمنتجات الطبيعية في تنمية الذات، وتحويل الأفكار لقيمة مضافة على الفرد والمجتمع، ناهيك عن دورها الحيوي في تحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي والمالي، وللشوع استخدامات وفوائدة متعددة كمرافق في حل وترحال بعض الأشخاص، كعلاج لبعض الجروح والحروق وآلالام البطن، كما يدخل في إعداد الكريمات والمرطبات التجميلية على سبيل المثال وليس الحصر، فما أكثر المهن والحرف التي تجيدها المرأة العُمانية؟