الصحوة – خلود الخالدية
يُولَد الشخص في هذه الدنيا ليعمِّرها وله فيها مآرب أخرى، فيسعى فيها علميا وروحيا وينزف فيها من جسده وعقله ونفسه، فمن يُولَد وهو ممتلك لموهبةٍ ما فطريا من البيئة حواليه ويسعى لتطوير واستخدام هذه الفطرة لصالحه، ومن يحاول اكتساب مهارة معينة يتعلمها ويحاول تطويرها شيئا فشيئا واستخدامها لصالحه أيضا، وتتواجد في السلطنة طاقات شبابية إبداعية كثيرة في مختلف المجالات، علمية، أدبية، طبية وما إلى ذلك، وهناك مجموعة من الأسباب تقف حائلا أمام بعض الطاقات الشبابية فيؤدي ذلك لإهدار هذه الطاقات وعدم استغلالها الاستغلال الأمثل لخدمة هذا المجتمع، وكثيرا ما تم إهدار هذه الطاقات وكان مصيرها إما الموت والسبات التام، وإما عدم استغلالها كما يجب.
ومن هذه المواهب، طاقة شبابية مهتمة بتقليد الأصوات، والكاركتير، وقال (ع.ن) بأنه يوجد في السلطنة مجموعة من الشباب العمانيين المبدعين والملهم وهم بحاجة لكمية من الدعم سواءً كان معنوي أو مادي، فهم بحاجة ماسة للدعم والاهتمام من قبل الجهات المعنية بالشباب وذلك لصقل وتطوير هذه المواهب، وفي منتهى الطريق الفائدة ستكون للمجتمع أولا ومن ثم للفرد المبدع نفسه، ونرى أن هذا الاهتمام يمكن أن يتمثل في إنشاء لجان مختصة لتطوير هذه المواهب وجذبها واحتوائها وتسجيلهم في المسابقات الدولية وما إلى ذلك، وعلى المسؤولين أيضا مراجعة الضوابط والأنظمة التي تتبعها رئاسة الجمعيات واللجان المتخصصة بمجالٍ معين وإعادة إنشائها لصنع فرص للشباب العماني . كما أن وسائل التواصل الاجتماعي “السوشيل ميديا” أصبحت منصة لإيصال الإبداع فيجب الاهتمام بها ومتابعتها.
وذكر أحد الشعراء المهتمين بالأدب عموما والشعر خصوصا (خ.س)، أن التسليط الإعلامي على الشعراء العمانيين غائب تماما، وهو ما يجعلنا في فوهة التهميش والتجاهل، والكثير ممن يمتلك موهبة الكتابة الأدبية يتجه للمشاركة في المسابقات الدولية المقامة هناك، ومن تلك المسابقات والتي غالبا ما تُنقَل على شاشة التلفزيون وعلى برامج التواصل الاجتماعي يتم معرفة هذا الشاعر أو الشاعرة، فالسعي الذاتي ليس كافٍ لتغطية حاجة الشاعر للظهور والإبداع، فغياب الدعم الإعلامي للشعراء والمبدعين بشكل عام أمرا ليس منصفا لهم ولمواهبهم وإبداعهم ،رغم أن الجهات الرسمية مثل وزارة الثقافة والرياضة والشباب، مهتمة بإقامة المسابقات للشباب العماني مثل مسابقة إبداعات شبابية وقدمت جهودا تُشكَر عليها، إلا أن بعض الفئات والمبدعين لم يكن لهم نصيب للوصول لهذه المسابقات.
إن المبتكرين العمانيين، المبدعين والملهمين متواجدين بكثرة بمختلف ابتكاراتهم واختراعاتهم، والتي قد اكتسبت مراكز مرموقة في مسابقات محلية ودولية وأيضا الجهود الواضحة جليا في دور صندوق البحث العلمي والابتكار لدعم هذه الفئة من الشباب، والدعم للمبتكر العماني أيًّا كان نوعه مهم جدا لاستثمار هذه القدرة وحثها على الإبداع والتميز، فتوفير الأدوات التي قد تكون مُكلفة ماديا بعض الأحيان سيكون حافزا مُهمًّا لقدرات هذه الشباب، قيام النوادي العلمية في المؤسسات التعليمية في السلطنة، وقيام مسابقات الابتكار والاختراع، يُثبت لنا بأن الشباب هم عِماد هذا الوطن وقادرين على بنائه إذا ما وجدوا الدعم والحافز على ذلك.
وكثيرا ما سمعنا عن أطباء عمانيين كثر، طُلِبوا من مستشفيات دولية وعالمية لعلاج بعض الحالات، وهو ما يؤكد قدرة الشباب العماني على الإبداع في مختلف التخصصات، ولا يتمنى الفرد سوى أن يحظى إبداعه العقلي والعملي بالتقدير الذي يفكر فيه، وهو مستعد لتقديم التضحيات لكي ينجز ويبدع أكثر.
تكثر الشكاوي من قلة الدعم للمبدعين والموهوبين العمانيين كثيرا، خصوصا في البث الخاص بموقع التواصل الاجتماعي “الانستجرام” عندما يتم استضافتهم للحديث عن مواهبهم وعن ما يقدموه، مستعينين بأسماء عمانية مبدعة، والطريق الذي سلكوه لكي يصلوا لمبتغاهم، لإيصال مواهبهم إلى حيث يطمحون، وعليه فإنه يجب على الجهات المسؤولة استغلال هذه القدرات ومنحها الحياة لتضيء وتتوهج فتكسب السلطنة أولا من هذه الطاقات ومن ثم الفرد بعينه، تمكين الشباب العماني مهم جدا لإيصال هذا الوطن إلى القمة، فالإنجازات التي يقدمها الشباب تستحق أن تقف عليها المؤسسات والنظر في جدوى استغلالها وتقديمها، رغم ذلك فإن تفاني الشباب العماني واعتزازهم بوطنيتهم رغم ظهورهم في برامج دولية وعربية ظاهر وشائع، حتى يُقال بأنه شاب مبدع من سلطنة عُمان، منتهزين الفرصة للظهور بهويتهم الوطنية ولكن ذلك يجعلنا نتساءل، لماذا لم نرَى هذا الإبداع هنا؟، على الرغم من أنه من أبناء هذا الوطن الغالي.
يجب على الوزارات والجهات المعنية بالشباب والجمعيات واللجان احتضان الموهبة والمهارة لإكسابها روح التفوق والانجاز والاستمرارية وذلك لن يتم إلا باحتضان الموهوبين ذاتهم، الروح العمانية المتأصلة في نفوس المواطنين تجعلهم يذرفون أرواحهم لزرع الروح والحياة لهذا الوطن، لذلك يجب أن يسعى الشباب أيضا لإظهار قدراتهم ومواهبهم وما يمتلكون، فالأمر ليس بمقتصر فقط على الدعم، إن لم يسعى الشخص بنفسه لِمَ يمتلكه لن يصل، ولن يُفيد، وإن كان الدعم موجودا، فالأمر متكامل ومتكافل، بداية من بذل الشخص لنفسه، مرورا بالدعم النفسي والمعنوي، إلى الدعم المادي، والدعم الإعلامي كذلك.