الصحوة – أثير الندابية:
في كل يوم يمضي علينا يصبح العالم أكثر خطورة من ذي قبل، وأصبحت الأخبار الدامية تتصدر عناوين الصحف، فمرة نسمع عن جريمة قتل، ومرة نقرأ عن اشتعال الحروب الطاحنة، ومرة تصلنا أخبار الكوارث المدمرة. أصبح السلام لا يتعدى حدود منازلنا الصغيرة، وربما في وقت لاحق سيبتلعها الخوف هي الآخرى، بل إن المنازل ليست جميعها آمنة، فالكثير منها على هذه البسيطة هجرها الآمان منذ مدة وعشش الخوف على نوافذها وأبوابها.
فهل بات السلام حلما مستحيلا في هذا العالم المخيف؟ ولا ننسى أن هناك شكلًا جديدًا من الخوف أصبح يلاحقنا، عدو بيولوجي يتفشى سريعًا، ويفتك بالبشرية دون رحمة أو رأفة، عزلنا عن عالمنا، وفرقنا عن بعضنا، وغير عاداتنا. وليست هناك رؤية واضحة لكم سيبقى معنا يشاركنا بيئتنا، ويعكر صفو حياتنا.
ولا أبالغ حين أقول أن العالم الآن أشبه بغابة مظلمة مجهولة، تحكمها الوحوش، لا يعرفون فيها شكلًا أو لونًا للسلام، والجميع فيها المذنب والضحية، لا يفرقون بين العدو والصديق، وبين الظالم والمظلوم. ترى فيها الطغيان يجر ذيله لكن ما من أحدٍ يجرؤ على مواجهته. لا قانون يحكمها، ولا قاضٍ عادلٍ يفصل في أمرها، القوي يأكل الضعيف، والظالم يتسلط على المظلوم.
وفي هذا الزمن إذا كنت تخرج صباحًا إلى عملك مطمئنًا، وتعود مساء لتجد عائلتك بانتظارك دون أن تفقد أحدًا منهم، أو أن تعود فتجد منزلك صار رمادًا وتطاير مع الريح، فإنك من أكثر الناس حظًا، ومن الجائز هنا أن تسأل نفسك ما الحظ في سيناريو طبيعي يعاد أمامك كل يوم؟ ويكفيك هنا أن تبصر بشيء من الإمعان في كيف هي أحوال العديد من بلدان العالم وقراه؛ حتى تتعاطف مع ما يجري فيها من معارك سجالًا بين طرفين، أو حروب شبت نيرانها بين أهلها أنفسهم.
ورغم كل ما جرى، وما سيأتي من مآسٍ تربك العالم، وتزرع في القلوب الخوف، إلا أننا لا نملك سوى التمسك بخيط الأمل، وأن نغرس في قلوبنا رجاء بأن ينتهي بنا المطاف بانتصار الخير على الشر، وطغيان الإنسانية على الفردانية، مهما طغى الخوف على السكينة، ومهما اشتد الاضطراب على السلام. وأن نجعل عماننا دائمًا بين الودائع، بين اللهم وآمين، بأن تكون آمنة مطمئنة.