الصحوة – جُهينة القرينية
تخيل أن يكون لديك 10 كليو جرام من الحديد، في تصورك الذهني كم سيكون سعرها، بكل شك ستختلف من مكان لآخر، فصانع حدوة الحصان سيراها لا تتجاوز الـ 20 ريالا عمانيا، بينما صانع السكاكين سيقول إن سعرها يساوي 100 ريالا عمانيا، أما صانع الساعات فسيقدر قيمتها ذلك بعشرات الألاف من الريالات، نظرا لحاجته الدقيقة لها، وهذا أمر تتبعناه وتعرفنا عليه من خلال التعرف على القيمية الحقيقة للحديد على سبيل المثال.
ولو ذهبنا للتقريب والحديث عن أهمية النيازك وأسعارها غير الطبيعية فسنرى أن لكل شخص نظرة في القيمة المادية والمعنوية لها، وهذا أمر بات أكثر متابعة لدينا في الفترة الأخيرة نظرا لأهميته.
حسب المصادر العلمية البيانية المتوفرة تشير إلى أن السلطنة ثالث دولة في العالم من حيث وفرة النيازك على أراضيها حسب احصائيات جامعة واشنطن. ويقدّر العلماء تدفق النيازك على أراضي السلطنة بما يقارب 11 إلى 36 نيزك سنوياً. وتؤكد المصادر أن قبل عام 2000 لم يكن هناك سوى بضعة نيازك معروفة في عُمان، ثم كشفت مجلة ميترولوجيكال بوليتن نبأ العثور على 39 نيزكاً في السلطنة.
وتؤكد المصادر المتوفرة أيضا أن النيازك تنتشر في الصحراء الممتدة بين محافظة الوسطى ومحافظة ظفار في جنوب السلطنة، وتشير آخر إحصائية إلى أن عدد العينات النيزكية التي عثر عليها في السلطنة حتى يناير الماضي بلغ 2892 عينة تزن 8 آلاف كيلو غرام تقريباً.
إذن الأمر يحتاج إلى وقفة صريحة من المؤسسات المعنية بالأمر في السلطنة، خاصة بعد اكتشاف عمليات تهريب لهذه النيازك على يد صائدي المجوهرات في العالم، فهم يأتون إلى السلطنة بقصد السياحة ولكن يتم اكتشافهم لاحقا بأن أمر زيارتهم غير برئ، خاصة إذا ما علمنا بإن يقضون أسابيع وليالي في عرض الصحاري بحثا عن هذه الكنوز الثمينة والتي تعد ثروة اقتصادية وافرة العطاء.
ولكن الجميل والمطمئن أن هناك توجه حقيقي في السلطنة لتعديل القوانين والتشريعات المتصلة بالنيازك، مع تشديد الغرامات والعقوبات على مُهرّبيها الذين لوحظ مجيئهم بشكل غير قانوني.
وقد وقعت وزارة التراث والثقافة “سابقا”، اتفاقية مسح وتوثيق ودراسة وتصنيف النيازك في السلطنة مع متحف “بيرن” للتاريخ الطبيعي بسويسرا. هذا الأمر مطمئن بجد، لكن لابد من إيجاد حلول ناجعة لعمليات البحث وبشكل سريع من خلال العارفين بالصحراء من أهلها وروادها من المواطنين.
وما يعزز أهميتها في السلطنة ذلك الحديث الذي نشرته صحيفة شؤون عمانية الإلكترونية للباحث الدكتور محمد بن هلال الكندي، رئيس مركز استشارات علوم الأرض، فقد أشار إلى أن السلطنة تشتهر بوجود عدد كبير من النيازك فيها، فقد عثر على عدة آلاف من القطعة النيزكية على سهولها الصحراوية، وهي تنتمي لنيازك أصلها يعود إلى القمر والمريخ والكويكبات التي تدور في المجموعة الشمسية. إذن ما علينا فعله إيجاد مساحة لتتبع هذه النيازك نظرا لأهميتها العلمية والاقتصادية في السلطنة وهذا من خلال تثبيت القوانين والتشريعات المنظمة لذلك.