الصحوة – ظافر بن عبدالله الحارثي
تُعتبر الدولة من المفاهيم الأكثر دقةً في أبواب التعريفات، ومن أبرز تلك المعاني اللفظ المشتقّ من المعجم اللاتيني ” الحالة المستقرة”، ومن أجل أن نكون بصدد دولة لا بدّ أن تقوم على ثلاثة أركان ضرورية وهي:
الشعب (المجموعة البشرية)، الأرض (الإقليم).
والسلطة السياسية والتي من خلالها تبسطة الدولة نفوذها وانتشارها داخل المجتمع.
إن القاعدة العامة والأعراف السائدة في النُّظم السياسية تقضي بأن تكون السلطة إما اجتماعية ينصاع لها الأفراد بالفطرة، أو مشخصنة في ذات الحاكم، أو مشخصنة في مؤسسات، والأخيرة هذه هي التي تمثل ما يسمّى بدولة المؤسسات والقانون وينادي بها أغلبية الشعوب.
وبالفعل تنتهجها الكثير من الدول وذلك على اعتبار أنها تقوم على رضا الشعب، مع تأكيدها على أن مسألة السيادة لا تخلّ بقاعدة القانون هو أساس الحُكم.
إن السلطة السياسية هدفها صَون هيبة الدولة، كما أنها تستمدّ مشروعيتها من التوافق الحاصل بين المحكومين والحاكم، فلا وجود لدولةٍ بدون شعب، نستنتج من ذلك أنّ ممارسة السلطة وظيفة، وليس حقاً، ومن ثمّ يترتب على ذلك وجوب تمكينها بواسطة وسائل قانونية يلمسها الناس ويحسون بمكانتها، وليس حضورًا رمزيًا فقط، وهذا لا يتعارض مع تضمنها سِمات وأهلية مستقلة، خاصةً فيما يتعلق بتمكن القادة والحُكام واحترام الجميع لهم.
سيادة القانون يعني سلطته وتأثيره على المجتمع، ووجود فكرة القانون بحدّ ذاته عادلةٌ مريحة، إذ أنها قائمة على تنظيم العلاقات بين الأفراد وسواسيتهم، وعدم التمييز بينهم، وهذا حقّ أصيل للإنسان لم تغفل الدساتير عن ذكرها، ومن خلالها أيضًا عمدت إلى ترسيخ فكرة التوازن الإيجابي بين السلطة والشعب عن طريق المشاركة بل وإيجاد وسيلة للمراقبة والمحاسبة التي تتمثل غالبًا في صورة البرلمانات.
فالقانون إذًا ليس وجهة نظر يأخذ به كلما استدعت الحاجة، وليس رأيًا يطلب في حالة الاستشارة، بل دليلًا تنظيميا للإنسان وكل ما يتعلق بتنظيم حياته واحتياجاته، وهو الأساس المتين الذي يغرس عليه فيما بعد كل الأعمدة والتي تشكل كافة مجالات الحياة، وعلى النقيض من دون قانون ومن دون أساسا قانوني نستند عليه سواء كمؤسسات أو أفراد فما مصير تصرفاتنا إلا الكوارث وعدم الاستقرار.
“إن دولة القانون والمؤسسات هي دولة الانضباط والتنظيم الإنساني من أجل تكوين إنسانية الإنسان وترابُط الجماعة وتوحّدها، وليس غابةٌ يحكمها فرد أو حتى مؤسسات وأفراد متسلطين متفردين بالرأي والأفكار والمسؤوليات، تُسيّرهم الفوضى أو القوة والأهواء والمصالح الشخصية أو الفئوية”.