خاص بـ – الصحوة
إن خروج المرأة للعمل لأداء رسالتها في المجتمع، لا يعني أبدا إهمالها لدورها الأول كأم، وإن أجبرتها الظروف على التواجد في موقع عملها ساعات، فإن ذلك لا يعني فقدان الطفل الظروف المناسبة؛ لينمو بصورة جيدة تنمو فيها قدراته ومداركه ليكون نعم الابن لهذا الوطن.
ومن هنا نشأت فكرة حاضنات الأطفال لتحمل عبء البحث عن من يهتم بالطفل وقت غياب الأم، وتطورت الفكرة مع الوقت فلم تعد ترغب الأم بمن يراقب ويحمي طفلها لساعات طويلة وقت عملها، بمقدار رغبتها بمن يهتم بتربيته وتعليمه؛ كون الطفل في المراحل الأولى من حياته قادرا على استيعاب الكثير، ومحبا للعب والتعلم ومتلهفا للاستطلاع والاستكشاف. ومن هنا بدأت دور الحضانة في تقديم برامج مدروسة لتعليم الأطفال عن طريق اللعب.
ومع اختلاف المناهج التي سارت عليها مختلف دور الحضانة في فترات مختلفة، تبعا للأهمية التي يراها من يدير كل حضانة، حيث اهتم البعض بالجانب الديني مثلا وآخرون بالمهارات الحركية أو الموسيقية، جاءت المربية والفيلسوفة والطبيبة وعالمة اللغات المحكية و المكتوبة (ماريا منتسوري) لتقدم نظام منتسوري للتعليم المبكر للطفل، والذي يعد اليوم من أفضل النظم التعليمية وأجودها على مستوى العالم.
وإنه لمن الرائع أن نجد وعي تربوي لدى الأستاذة صابرة العوفي التي قررت أن لا تكون حضانة “نهر العطاء” مجرد حضانة عادية تتبع الأساليب التقليدية، ولكن حضانة تسير وفق أعرق مناهج رعاية الطفولة العالمية وأجودها.
وحول تجربتها هذه كان للصحوة معها هذا الحوار:
ما أسباب توجهك لهذا المشروع بالذات ؟
رغبةً مني في المساهمة في رقي وطني من خلال رعاية اللبنات الأساسية وعماد المستقبل فيه وهم الأطفال؛ فالأطفال هم نعمة الله وهم بذرة المستقبل وهم الأمل القادم لكل مخططات التقدم والسير للمقدمة؛ لذلك يجب علينا أن نهتم بهذه البذرة ونرعاها ونقدم لها كل ما تحتاجه، حتى تنمو نموا سليما وهذا ما دفعني للتوجه لمجال رعاية الطفولة إيمانا بأنه إذا تأسس الأطفال على العلم والمعرفة والأخلاق الحسنة كونوا شعبا متقدما في المستقبل .
ما سبب اختيارك لنظام منتسوري تحديدًا؟
اخترت نظام منتسوري؛ لندرة وجود برنامج أو منهج متخصص متكامل يراعي الشمولية في تربية الطفل، كما يوفرها منهج مونتيسوري القائم وفق مبدأ “ساعدني كي أساعد نفسي” حيث تؤكد ماريا مونتيسوري بأن الوقت الأكثر أهمية في تنمية شخصية الطفل هو بين الولادة وعمر الست سنوات ضمن بيئة أعدت بعناية؛ لتلبية احتياجات الطفل لدعم نموه الشامل والمتكامل والذي يعزز استقلالية الطفل.
ما الطريقة التي كونتِ بها خلفيتك المعرفية حول النظام ؟
كونت خلفيتي المعرفية من خلال الحاضنة الوطنية لمونتيسوري عُمان والتي تنتمي عالميا إلى إشراف مجلس مونتيسوري لاعتماد وتعليم المعلمين (MACTE) وبرامج مونتيسوري التعليمية الدولية (MEPI) من الولايات المتحدة الأمريكية. هذا مع دراستي للدكتوراه في جامعة العلوم الإسلامية الماليزية (USIM) تخصص إدارة مؤسسات التعليم بالإضافة إلى خبرة عملي كمديرة مدرسة للتعليم الأساسي والتي تلمست من خلالها أهمية رعاية الطفل في مرحلة ما قبل المدرسة .
ما طبيعة الأنشطة التي ستقدمها الحضانة للأطفال ؟
منهاج منتسوري يقدم للأطفال أنشطة تتناسب مع المرحلة العمرية للطفل من خلال الأدوات الحسية المبنية على أسس علمية وتربوية معاصرة، تهدف إلى تطوير مهارات الطفل الحركية واللغوية والاجتماعية والعلمية والدينية مع دعم استقلالية الطفل وتكوين مفهوم إيجابي نحو الذات.
ما هي مميزات نظام منتسوري؟
حب النظام وحب العمل والتركيز والاستقلالية والحرية والثقة بالنفس والتحفيز الذاتي للتعلم والتعاون مع الآخرين من أهم مميزات منهاج المونتيسوري، الذي يقوم على تطوير مبادرة الطفل للاعتماد على الذات وتنمية الشخصية المستقلة للطفل من خلال البيئة المهيأة .
ما هو الفرق نظام منتسوري والأنظمة التقليدية الأخرى أوضحت العوفية؟
الأنظمة التقليدية عبارة عن اجتهادات غير مخطط لها بشكل علمي سليم، حيث أن كل دار حضانة تقوم بإعداد برنامجها بمفردها واجتهاداتها الخاصة. أما نظام المونتيسوري فهو مبني على أسس علمية وتربوية معاصرة لتقديم آخر ما توصلت إليه الأبحاث العلمية في مجال رعاية الطفولة؛ لضمان التربية السليمة والشاملة والمتكاملة للطفل، من خلال البيئة المهيأة بالأدوات المونتيسورية.
لماذا تجدين أن نظام منتسوري هو الأفضل للأطفال في المرحلة الراهنة ؟
تشير الدراسات إلى أن تطور الدماغ من الولادة حتى سن الثالثة يكون أكثر سرعة من أي مرحلة أخرى؛ ولذا فإن التربية والدعم يلعبان دورا مهما في نمو الدماغ وتطوره في هذه المرحلة، حيث يوفر منهاج المونتيسوري أنشطة نمائية ملائمة تقوي الترابطات في الدماغ، والتي تزيد من قوة التعلم مدى الحياة .
ما هي الأهداف المستقبلية التي تسعين لها؟
تلمّس الاحتياجات التربوية لأطفالنا من خلال الملاحظة المباشرة في الحضانة المونتيسورية، وتوفير الأدوات المونتيسورية المصنعة في البيئة العمانية، إضافة إلى توفير فرص للتدريب على هذا المنهج في الحضانة .
ما مدى تجاوب المجتمع مع الفكرة الجديدة للحضانة كونها أكاديمية وبنظام عالمي ؟
الوعي بالتعليم المونتيسوري بدأ في الانتشار مؤخرا، وتصاعد الاهتمام به عالميا ولكن لم يصل إلى الدرجة المطلوبة والمتوقعة في مجتمعنا؛ لذلك فإن أكبر صعوبة تواجهني هي عدم وعي الناس بالقدر الكافي بهذا الأسلوب التعليمي لذلك أسعى لاستبدال النمط التقليدي للحضانات من خلال بيئة مونتيسوري جاذبة ومهيأة تمنح الطفل فرصا متنوعة للتعلم والتفكير والاستكشاف، وبالتالي ثقة واطمئنان الأهل على أطفالهم .
بماذا تنصحين المستثمرين في مجال الطفولة؟
أهم نصيحة أوجهها للمستثمرين في مجال الطفولة أن يكونوا على علم ودراية وخبرة كافية للاستثمار في هذا المجال، وكذلك الحرص على تهيئة بيئة الحضانة بالأدوات المونتيسورية التي تلبي احتياجات الأطفال، مع الأخذ بيد العاملات بالحضانة وإثراء معارفهن بالتدريب المستمر لتقديم خدمة متميزة للمجتمع.
وفي ختام هذا الحوار الشيق لا يسع الصحوة إلا أن تتقدم بالشكر والتقدير للأستاذة صابرة العوفي متمنين لها التوفيق، وعسى أن نرى فروعًا عدة لهذا المشروع في المستقبل القريب.