خاص بـ – الصحوة
المعمرية : مؤشرات الطلاق في الوطن العربي منخفضة مقارنةً بدول العالم الأخرى
الطلاق من القضايا المجتمعية التي تناقش باستمرار، وقد سجلت الاحصائيات ارتفاعا في حالات الطلاق خلال عام 2016، فهل الطلاق أصبح ظاهرة في السلطنة؟! هذا هو محور حديث حوار الصحوة لهذا الأسبوع مع المختصة في الإرشاد الأسري فاطمة المعمرية.
تشير احصائيات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أن 0.8% هو معدل حالات الطلاق لكل ألف من السكان خلال سنة 2017، بينما المتخصصون في المجال الأسري يقومون بقياس حالات الطلاق بطريقة مختلفة هذا حسب توضيح فاطمة المعمرية فتقول: “كمختصين في المجال الأسري والاجتماعي قراءتنا للأرقام مختلفة نقيس نسبة الطلاق بطريقة مختلفة، فمثلا إذا أردت معرفة معدل الطلاق في 2017 نأخذ 1000 عقد زواج تم في هذا العام ونحتفظ بملفاتهم ويتم متابعتها في العام القادم كم نسبة الطلاق من بينهم، فرضا 1% من هذه الإحصائية حدث بينها الطلاق فيتم تسجيلها على أنها حالة طلاق بعد سنة أولى زواج، وتستمر المتابعة في السنوات التالية إلى خمس سنوات تقريبا لمعرفة مدى استقرارهم فنخرج بنسبة ممكن استنبط من خلالها مؤشر نستند عليه. اما إحصائية المركز الوطني للإحصاء ليست بالضرورة أن تمثل حالات الطلاق للمتزوجين في العام نفسه”، وتعتقد المعمرية أن الطلاق والتفكك الأسري ليست بظاهرة في المجتمع العماني: “الانطباع العام لهذه الأرقام لابد أن يكون إيجابيا، الحمدلله مجتمعنا العماني لا نعاني فيه من التفكك الأسري كظاهرة، نعم توجد تحديات أمام الأسرة العمانية لكن لم تصل إلى أن يكون الطلاق والتفكك الأسري ظاهرة، أحيانا نجد هناك احصائيات مبالغة عن حالات الطلاق في الوطن العربي مقارنة بالعالم وعادة ما تكون قراءات مغلوطة من غير المتخصصين، فمؤشرات الطلاق في الوطن العربي منخفضة مقارنة بدول العالم المختلفة”.
السنوات الأولى الأكثر عرضة للطلاق
تقول المعمرية: “استنادا للبحوث والدراسات فإن أكثر المترددين للمحاكم للتقاضي في الطلاق تكون من المتزوجين حديثا، أي في سنواتهم الخمس الأولى من الزواج”، وحسب ما تذكر المعمرية فإن هذه المؤشرات كانت سببا لضرورة تشخيص أسباب الطلاق في السنوات الأولى من الزواج، وهنا نتساءل هل يمكن أن يكون للعمر مؤثر في ذلك؟! تجيب المعمرية: “يمكن أن يكون للعمر دور وتأثير فقد يساهم صغر السن في زيادة الطلاق ولكن لا توجد إحصائية رسمية تثبت ذلك”.
مسببات الطلاق
للطلاق أسباب كثيرة، منها ما هو متعلق بطرفي العلاقة الزوجية حسب ما ذكرته المعمرية: “في بعض الأحيان تكون قضية الطلاق مرتبطة بمشكلات فردية تقع بين المتطلقين أنفسهم نتيجة لعدم التقبل واختلاف الطباع، ويمكن أن يكون بسبب فروقات بين الطرفين سواء كانت فروقات في الأولويات والأهداف وتخطيطهم للمستقبل، وقد يحدث الطلاق نتيجة الجهل سواء كان ذلك للزواج المبكر أو لصغر سنهم أو جهلهم بأمور الحياة الزوجية ومتطلباتها ومسؤولياتها وحقوق كلا الطرفين وأهمية الصبر ومحاولة فهم الطرف الآخر وغيره بمعنى تكون القضية لها علاقة بجهل الآخر أو بالمحيط حوله، وقد يحدث نتيجة انعدام الرؤية للمستقبل من احدى الطرفين أو من الاثنين بسبب سوء العشرة أو سوء الأخلاق أو قلة التدين أو لعدم الإنجاب أو أي قضية تسد نظرهم للمستقبل، وربما يحدث نتيجة أزمة نفسية أو اقتصادية أو صحية فيشعر طرف من الطرفين باستحالة أن يستمر هذا الزواج فيكون الطلاق هو الحل الذي يلجأ له”، وهناك أسباب أخرى تصنف بالأسباب الخارجية أي وقعت نتيجة لتأثير خارجي، وعنها تقول المعمرية: “قد يقع الطلاق نتيجة للتدخلات الخارجية سواء كان من أهل الزوج أو أهل الزوجة أو من أي عنصر اجتماعي اخر يكون له دور في افساد الحياة الزوجية من المجتمع الخارجي كالأصدقاء والصديقات والمجلات وشبكات التواصل الاجتماعي والمرئيات”.
حلول وقائية
كون أن الوقاية خير من علاج، تشير المعمرية في حديثها إلى وجود حلول وقائية للطلاق والتي تتمثل في التهيئة قبل الزواج للطرفين، فتقول:” كل شخص يجب أن يتأكد أنه هو الطرف الأنسب والسليم للزواج، وذلك بأن يبدأ بنفسه قبل أن يبدأ باختيار شريك حياته، فيفهم احتياجاته ورغباته، ويقوم بتثقيف نفسه حول متطلبات هذه الحياة ومسؤولياتها وتحديد أولوياته من الزواج ويهيئ نفسه لتحمل هذه المسؤوليات، وبعد أن يهيئ الشخص نفسه تبدأ مرحلة اختيار شريك الحياة المناسب، يتعرف عليه ويفهم شخصيته واحتياجاته، ويتم الاتفاق بين الطرفين على أمور الحياة الأسرية كالسكن والإنجاب وإدارة الميزانية والاتفاق على الخصوصيات ومواجهة الصعوبات وإدارة الأزمات التي قد تواجه هذا الزواج وكل الأمور الأخرى المتعلقة بالحياة الزوجية”، وتشير المعمرية أيضًا إلى أهمية التثقيف الذاتي: ” نحن في زمن يفرض عليك أن تقوم بتثقيف نفسك ولا تترك الأمور تحدث عشوائيا”.
عند حدوث المشكلة التي قد تكون سببا يدفع أحد طرفي العلاقة الزوجية للتفكير بالطلاق، فإن على الزوجين حل هذه المشكلات بالتفاهم، فتقول المعمرية: “عند حدوث المشكلات الزوجية فإن الحل يكون من خلال التفاهم ويجب على الزوجين عدم ترك المشكلة حتى تتفاقم، وأنصح الزوجين باللجوء للهدنة حيث لا يكون هناك تسرع في الطلاق وإنما على كلا الطرفين أخذ وقت كاف حتى تهدأ أنفسهم ويعيدوا حساباتهم ويفكروا في حلول أخرى كاللجوء لتحكيم طرف من الأهل لحل المشكلة وعلى الطلاق أن يكون آخر الحلول بعد استنفاذ جميع البدائل”.
برامج تأهيل للمقبلين على الزواج
لوزارة التنمية الاجتماعية جهود كثيرة وربما تكون غير واضحة للكثير في مجال الإرشاد الأسري ومن ضمن الجهود برامج مخصصة للشباب المقبلين على الزواج، وعنها تقول المعمرية: “من البرامج التي نفذتها وزارة التنمية الاجتماعية مشروع البرنامج الوطني للإرشاد الزواجي والذي بدأ تنفيذه مع نهاية عام 2013 ويستهدف المشروع الشباب والشابات المقبلين على الزواج والمتزوجين حديثا، حيث يتم تزويدهم بأساليب ومهارات التواصل الإيجابي البناء ويتم تعريفهم بالحقوق والواجبات لطرفي العلاقة الزوجية وكيفية التعامل مع مختلف المواقف والتحديات التي قد تصادفهم في حياتهم الزوجية وصولا إلى التوعية والتثقيف بمرحلة وجود الأبناء وما تتضمنه هذه المرحلة من استعداد نفسي واجتماعي واقتصادي”، وتشير المعمرية بأن البرنامج أقيم بمختلف محافظات السلطنة على هيئة محاضرات وندوات ودورات قدمها مختصون ومثقفون في الإرشاد الزواجي تم تدريبهم على البرنامج من قبل وزارة التنمية الاجتماعية من خلال ادخالهم لدورات تدريبية، كما تضيف قائلة:” تقدم الوزارة من خلال دائرة الإرشاد والاستشارات الأسرية التابعة للمديرية العامة للتنمية الاجتماعية بديوان عام الوزارة استشارات أسرية حيث يمكن لمن يرغب الحضور شخصيا ومقابلة المختصين للحصول على الاستشارة ومساعدتهم لتخطي الصعوبات والتحديات والمشكلات الزوجية و الأسرية التي يواجهها كما يمكن التواصل مع الدائرة من خلال الهاتف في حال تعذر الوصول شخصيا لهم” ، وتذكر المعمرية بأن هناك مراكز خاصة في المجال الأسري وهي موجودة في مختلف المناطق تقدم برامج منوعة عن الزواج الناجح ولغات الحب وإدارة الأسرة والتعامل مع الأبناء وغيرها من الموضوعات للمقبلين على الزواج وللمتزوجين والتي تهدف من خلالها إلى تحقيق الاستقرار الأسري”.
تشير المعمرية إلى أن الإناث هم الأكثر حضورا واقبالا على البرامج، وتوضح بأن التسويق لهذه البرامج لم يكن بصورة كافية: ” هذه البرامج بحاجة للمزيد من الجهود الإعلامية والتسويق، وهذا ما نعمل عليه حاليا حيث نقوم بوضع حلول حول كيفية جذب أكبر شريحة مستهدفة منها إقامة هذه البرامج في الجامعات والكليات”.
الحياة الزوجية جميلة وإيجابية
في الختام تشاركنا فاطمة المعمرية برسالة لقراء الحوار: “الحياة الزوجية جميلة جدًا وإيجابية جدًا وتحتاج منا صبر وأن نثقف ذواتنا أكثر حتى نصل للاستقرار، والسنوات الأولى للزواج تحتاج من طرفي العلاقة إلى مزيد من بذل الجهد، وانصح الشباب باللجوء إلى أي وسيلة جيدة ومصدر معلومة صحيح يساعدك على الاستقرار الأسري وتخطي تحديات الحياة الزوجية، كاللجوء لاستشارة مختص أو خبير أو مركز خاص أو دائرة حكومية أو دراسة علمية مصدرها موثوق لمساعدتك في التصرف بالطريقة الصحيحة، كما ادعوكم للمشاركة والاستفادة من البرامج التوعوية المقدمة في الإرشاد الزواجي ونتمنى أن يحقق مجتمعنا الاستقرار والتماسك الأسري وتكون العلاقات الزوجية علاقات ناجحة”.