الصحوة – مروة الهنائي
شهر رمضان , شهر التوبة و الغفران و العتق من النيران , تكثر فيه العبادات و يتسابق فيه الناس من أجل رضى الرحمن.
ولأجل أن تتوفر فيه سبل الراحة و التفرغ لهذا الحدث الكوني العظيم , يستعد له المسلمون قبل قدومه بشهر أو شهرين على أغلب تقدير, و للبعض قوائم بالمهام التي عليهم إنجازها قبل حلوله ,و منها إنهاء الأعمال و الواجبات المفروضة عليهم لإستقطاع إجازة من العمل في شهر رمضان,وتجهيز بعض الأطعمة وتجميدها مثل حشو السمبوسة و القطائف و تقطيع الخضروات ,وتغير قطع من أثاث و أوني المنزل , وتنظيم الأوقات و ترتيب مشاهدة البرامج و المسلسلات و حضور الفعاليات…و إلى ما هنالك من أمور مبتدعة لم تسجل في قاموس السلف الصالح و لا حتى في قاموس الأجداد قبل خمسين عام … و ما ذلك إلا بسبب تغير أساليب الحياة على مر العصور,و الإحتكاك بين الحضارات , و تنوع طرق التواصل و الحصول على المعرفة.
و في السنوات الأخيرة لاحظنا نشاط في مواقع التواصل الإجتماعي إلى جانب نشاط البرامج التلفزيونية و الفعاليات والأنشطة الرمضانية فللمواقع مسابقاتها الخاصة و أخبارها الحصرية و توجهاتها و البعض يصنع من كل ذلك محتوى يلهف خلفه كل متعطش للمعرفة سواء كانت مفيدة أو لا.و قد ركبت هذه الموجة و قررت صنع محتوى فني لرمضان 1442هجرية أخبر فيه الهند عنا.
لا أدعي السبق أو الفضل في نقل أخبارنا للهند أو لأي قطر آخر , فالتاريخ كفيل بتكذيبي من أول حرف أكتبه , و لكن الهوان الذي وصلت له الأمة الإسلامية جعلت من أبناء الأمم الأخرى يتجاهلون أصالة فكرها وعظيم صنيعها , و ما يحصل من إعتداء على الأنفس و الثوابات و المقدسات الإسلامية في بعض من دول العالم لا يخفى على أحد… و فرض علينا أن ندفع باللتي هي أحسن حتى إذا عقلها العدو أصبح كأنه ولي حميم.
في شهر شعبان من عام 1442 هجرية قررت أن أنفذ تحدي مع نفسي بأن أستخدم فن الوارلي للتعريف بعاداتنا الرمضانية , و فن الوارلي هو فن هندي قبلي أصيل يمارس في واحدة من أكبر القبائل بالهند تسمى قبيلة وارلي . هذا الفن يعتمد في رسمة على أشكال هندسية بسيطة كالمثلث و الدائرة و المربع و هي تجريد للعناصرمن البيئة التي يعيش فيها أهل القبيلة بتجسيد فعالياتهم اليومية من حصاد للزرع و التقرب للألهة , و قد وجدت عند تعلم هذا الفن فجوة كانت بسبب التحول الثقافي و الإقتصادي الذي إحتاجت له القبيلة في السنوات الأخيرة ,فتدخلت في الفن عناصر لم تكن موجودة في بيئة القبيلة,عناصر حضرية جديدة كالسيارات و أعمدة الإضائة ,مما سهل لي أمر استخدام هذا الفن و توظيفه لخوض التحدي.
ما فعلته _ و لله الفضل_ هو تجسيد لثلاثين عادة رمضانية من عدة مجتمعات إسلامية فرسمت الكعبة يطوف حولها المعتمرين ورسمت الإفطار في المسجد الأقصى ,و رسمت مدفع الإفطار و رسمت الحكواتي و إحتفال النصف من رمضان و هبطة العيد و تحري هلال شهر شوال و أمور أخرى , و نشرت الأعمال على مواقع التواصل الإجتماعي تحت أوسمة فن الوارلي… الأوسمة التي يستخدمها ممارسي فن الوارلي من الهند و من كل أنحاء العالم. التفاعل مع المحتوى وإن كان ضئيلا من قبل غير المسلمين إلا أنه دليل على وصول الخبر عنا ,وأني أضفت قيمة منا إلى قيمة هم يمتلكونها بفنهم.
الإسلام دين يسر, و لا يستنكر من يستخدم الفن في إصال خبر عنه , و إستغلالنا في صناعة محتوى فني من أجل خدمته سيبقى أثره لأجيال, خاصة أن إيصال الصورة أسرع من إيصال الكلمة.
وفي رمضان يصفى الذهن و تقوى الروح و يبحث المسلم عن وسيلة من أجل الثبات و ترويح للنفس و ما أجمله إن كان بشيء مفيد للعالمين .
سيقول البعض ” تركتم جميع الأشهر وزاحمتم بدعكم في رمضان , هذا الشهر للعبادة !” أقول لهم “في اليوم أربع و عشرون ساعة فلنأخذ منها ساعة أو ساعتين للترويح عن النفس من أجل تحقيق التوازن بين متطلبات الجسم الروحية و العقلية و البدنية … ربما هي فعلا بدع و لكنها إن كانت بدع حسنة نروجوا أن يضاعف أجر عملها في رمضان” و مبارك عليكم الشهر الفضيل و أعانكم الله على الصيام و القيام و تلاوة القرآن.