الصحوة – ظافر بن عبدالله الحارثي
إن النظام القانوني المُحكم لا ينصب فقط في تشريع القوانين وسلامة صياغتها وتناسبها فحسب، بل يتبعها مسألة وضوح الإجراءات وسلاسة التنفيذ لضمان الأمان القانوني والاستقرار المجتمعي؛ حيث أن ذلك سيسهم في إرساء أسس عادلة لاسيما في تفعيل مبدأ المواجهة والتقاضي اللذين ينصبان في صالح نظرية القانون والحق.
بسبب الأدوات القانونية التي مكنها القانون للأفراد نستطيع التحكم بقسطاس المساواة والعدالة، لاسيما بوجود قوانين إجرائية تحرص على بيان وتحديد الآليات التي ترسم الكيفية المتبعة لممارسة هذا الدور، والذي في المقابل يسد باب الجهل وغلق الطرق التعسفية اللا-إنسانية، ومن ذلك قانون الإجراءات المدنية والتجارية التي لم تعكف فحسب على بيان النظام القضائي، أنواع المحاكم ودرجاتها، العاملين فيها، قواعد الاختصاص والدعاوى، بل بيان الطرق والادوات التي بمعرفتها يستطيع الأفراد حماية حقوقهم ومراكزهم القانونية.
ومن أبرزها، الخصومة القضائية ويقصد بها مجموعة الإجراءات التي تبدأ من وقت إيداع صحيفة الدعوة لدى أمانة سر المحكمة وحتى صدور الحكم في موضوعها أو انقضائها بغير الحكم في الموضوع، والتي تتضمن الإعلان القضائي الذي به تصل الواقعة (موضوع الدعوى) إلى علم شخص معين على يد موظف رسمي أو بالطرق المحدده قانونًا، حتى إن نفذت بالطرق الصحيحة تبدأ سير الخصومة من خلال حضور أطرافها وتقديم المدعي ما لديه من طلبات ثم ابداء المدعي عليه ما لديه من دفوع في جلسات المرافعة التي لا تمضي إلا بعد التأكد من صحة القواعد المتخذة التي تحكم سير الخصومة من حضور وغياب إلى الحكم في الموضوع، دون أن يعرقلها
عارض من عوارض الخصومة التي تمنع سيرها وتأجلها وفي حالات، أو تقطعها وتوقفها في حالات، وأخرى بسببها تنقضي الخصومة.
لاشك بأن الأدوات تختلف من واقعة لأخرى سواءً أكانت دعوى عمومية فيقوم هنا دور الإدعاء العام ممثل المجتمع، أو كانت إدارية فتقع ضمن دائرة اختصاص جهة القضاء الإداري الذي يسهر على احترام الإدارة لمبدأ المشروعية وتدرج القوانين وعدم مخالفتها، وصولا إلى بعض المسألة الخاصة التي تنصب على فئة محدد كأعضاء السلك العسكري وغيرهم… التي حدد لها القانون الجهة المختصة واجراءاتها المحددة.
مما لا شك فيه بأن الرجوع لأهل الاختصاص أمر ضروري لإكتساب التوجيهات ومعرفة الخطوات وتفادي المخالفات، إلا أن لا يكتمل الإدراك المعرفي للفكر القانوني وجوهره وأهميته بذلك وحسب، بل في السعي والبحث والإلمام بقدر المستطاع من قبل العوام (الغير متخصصين) بل ومواكبة أحدث المستجدات في الساحة التشريعية، حتى نصل بذلك إلى المثقف القانوني الذي يساهم مع الدولة في تحقيق الدولة القانونية، والذي تسيره القواعد الأخلاقية بعدما أدرك مضمون القواعد القانونية؛ إن وجود النظام القانوني المُحكم لايغنينا عن تفاعل الإنسان معه وإيمان الأفراد به، لأن عدم التعاون يؤدي إلى الإخلال وإيجاد الاستقرار القانوني بشق الأنفس
مما بدوره يعيق مسيرة التقدم ورجعية الحياة إلى ما لايحمد عقباها.