الصحوة – محمد بن حمد المعولي
إن الروابط الإستراتيجية والعلاقة المتميزة بين سلطنة عُمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية مبنية على أسس متينة وهي علاقة تاريخية قديمة تشكلت عبر حقبة من الزمن فرضتها كثير من الجوانب منها الموقع الجغرافي للبلدين لكونهما يطلان على أهم مدخل بحري وهو مدخل الخليج العربي ومضيق هرمز، هذا الممر الدولي المهم للعالم بأسره وكذلك البعد الديني الإسلامي الذي هو الآخر سببا في تقوية العلاقات التاريخية بين الدولتين إضافة الى القوة البحرية لكونهما أكبر قوتين بحريتين في المنطقة. تجدر الإشارة أن هذه العلاقة الوطيدة بين البلدين الجارتين تطورت واتخذت خطا فريدا وشكلا سياسيا واضحا في عهد مؤسس النهضة الحديثة لسلطنة عُمان جلالة السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه والتي امتدت تلك الفترة الى ما يقارب نصف قرن من الزمن. وقد حافظت سلطنة عُمان على علاقاتها بالجمهورية الإيرانية بالرغم من الإضطرابات السياسية التي ألمت بالمنطقة والعالم وما واجهته إيران من بعض دول العالم من تباين في وجهات النظر وما لازم ذلك من تصعيد سياسي ضدها، وبالرجوع الى التاريخ وعند دخول إيران في الحرب الإيرانية العراقية بقيت العلاقات العمانية الإيرانية راسخة وثابته لكونها قائمة على الإحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون الغير ومراعاة المصالح المشتركة بين البلدين. هذا وخلال خمسون عاما سعت سلطنة عُمان نحو تقريب وجهات النظر بين إيران وكثير من الدول بما فيها الدول الكبرى وكان للدبلوماسية العمانية دورا إيجابيا مقدرا عند إيران ودول العالم الأخرى والتي من بينها دول كانت في أزمة سياسية مع إيران ولكن بفضل السياسة الحكيمة لسلطنة عُمان فقد جنبت هذه الدبلوماسية العمانية المتزنة والملتزمة إيران والمنطقة من أزمات كثيرة وتدخلات لو قدر لها أن حدثت لكانت قاسية ومؤلمة ليس على إيران فحسب بل على المنطقة بأسرها.
ومنذ تسلم جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله فقد خط سياسة متجددة لعلاقات السلطنة بدول العالم مبنية على خطى جلالة السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه ومحافظا على المكاسب التي حققتها سلطنة عٌمان كما ويسعى جلالته الى تطورها وتعزيزها. ولهذا تعد العلاقات العُمانية – الإيرانية نموذجية يسودها كما أشرنا سابقا الإحترام المتبادل بين البلدين والتشاور بينهما في الجانب السياسي والتنسيق المشترك بين القيادتين والذي يهدف الى بسط الأمن والإستقرار في هذه المنطقة المحورية من العالم ، كذلك تسعى القيادتين الحكيمتين الى فتح مجالات مشتركة بين الشعبين في الجوانب الإستثمارية والاقتصادية والتجارية والسياحية وبالأخص التجارة البينية بين البلدين.
كما وتأتي زيارة فخامة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الى سلطنة عُمان ولقائه بأخيه جلالة السلطان هيثم بن طارق حفظه الله ورعاه لتأكيد عمق العلاقة بين البلدين وتأكيدا لإستمراريتها في المرحلة القادمة والتي بإذن الله تعالى ستكون أكثر قوة ونفعا للشعبين العماني والإيراني ومن المؤمل أن تعطي هذه الزيارة دفعة قوية للمستثمرين الإيرانيين في سلطنة عُمان وتمكينهم من تطوير إستثماراتهم في مجالات عدة سواء كانت في مدينة الدقم أو في صحار أو في مسقط العامرة، كما ستفتح أبواب التجارة البينية بين التجار بسلطنة عمان مع نظرائهم في الجمهورية الإيرانية.