الصحوة –
بعد سنوات من الدراسة والتخرج بشهادة بكالوريوس في تخصص طفل ما قبل المدرسة وتخصص رياض الأطفال؛ يتفاجأن بالفرص الضئيلة المتاحة، ومع مرور السنوات يزداد عدد الخريجات دون زيادة مكافئة في الفرص الوظيفية المناسبة.
معلمات مهمشات – حسب اللقب الذي أطلقنه على أنفسهن- يشاركن الصحوة همومهن ومعاناتهن.
مريم الكلبانية قررت بعد الثانوية العامة أن تلتحق بتخصص تربية طفل ما قبل المدرسة بجامعة السلطان قابوس بهدف صنع التغيير في المجتمع “رأيت أن محتوى هذا التخصص عميق جداً ومليء بالأساليب والطرق الصحيحة لتنشئة الطفل تنشئة تصنع منه شخصية قوية ومؤثرة وقادرة على التعامل مع تغيرات هذا العصر، وكذلك رغبتي في صناعة التغيير في المجتمع لما رأيت من أخطاء شائعة في تربية الطفل وعدم الدراية الكافية بأهمية هذه المرحلة دفعتني لدخول هذا التخصص”. لم تدرك مريم أن المساهمة في تحقيق هذا التغيير قد يستغرق وقتا طويلا قبل البدء فيه، فبعد تخرج مريم في 2015 لا زالت باحثة عن عمل حتى هذه اللحظة، حالها حال الكثير من خريجات هذا التخصص والتخصصات المشابهة.
فرص ضئيلة ورواتب أقل من الحد الأدنى للأجور حسب قانون القوى العاملة
تذكر مريم الكلبانية أن مخرجات هذا التخصص يواجهن تحديات كثيرة، وأن الفرص المتاحة هي فرص قليلة جدا وفي الأغلب الرواتب التي تقدم في هذه الفرص لا تتناسب مع ما تم فرضه في قانون العمل العماني “من الفرص الوظيفية المتاحة لنا العمل بالأجر اليومي أو بالانتداب وفرص العمل كمعلمات رياض أطفال في المدارس العالمية وهي فرص قليلة لا تتناسب مع عدد مخرجات التخصص المتزايد، وأغلب المدارس توظفنا كمساعدات معلمات فقط مع الإجبار للعمل كمشرفة حافلة في نفس الوقت وبراتب لا يكافئ خريج بكالوريوس، حيث تبلغ مرتبات الحضانات والروضات في حدود 200-300 ريال وهذا لا يغطي مصاريف السكن و النقل والمعيشة و تدريس الأبناء كما أن هذا الراتب أقل بكثير من الحد الأدنى للأجور الذي حددته وزارة القوى العاملة”، و تأكيدا على ما ذكرته الكلبانية تقول آمال الراسبية وهي خريجة جامعة مؤتة تقول “من التحديات أننا نقوم بنفس عمل المعلم الموظف ونستلم راتب يساوي نصف راتبه، ومن هذا الراتب نحاول تغطية مصاريفنا ومصاريف الهدايا التعزيزية للتلاميذ والوسائل التعليمية المستخدمة وغيرها من الوسائل والأدوات المساعدة التي نستخدمها في تعليم الصغار”، وتؤكد منى المعشنية على ضعف الراتب وتقول “أتيحت لي فرص في الانتداب والعمل بالأجر اليومي وللأسف الراتب قليل مقارنة بالمعلم الأساسي”، وتشارك عزيزة المسلمية همها وهي خريجة عام 2014 من جامعة نزوى وتقول “نعمل بالأجر اليومي ولا يحق لنا المطالبة بالتثبيت حيث يشترط علينا لقبول الفرصة التوقيع على تعهد بعدم المطالبة بالتثبيت، وأحيانا لا تصرف أجورنا في كل شهر ففي بعض الأوقات يصرف الراتب بعد شهرين واحيانا بعد 3 اشهر أو بعد انتهاء الفصل”.
الحل تحويل مخرجات التخصص إلى معلمات مجال أول
رغم التحديات فإن مريم وزميلاتها لم ييأسن، فقد قمن بالبحث عن الوظيفة المناسبة، وإلى جانب جهودهن في البحث قمن بالتواصل مع الجهات المعنية ومخاطبتهم “قمنا بالبحث عن أي وظيفة تناسبنا وبمرتب معقول ولكن دون جدوى، عدد قليل جدا منا وجد الفرصة المناسبة والأغلبية لم يحالفهم الحظ، كما تواصلنا مع وزارة التربية والتعليم وحاولنا اللقاء بوزيرة التربية والتعليم وواجهنا الرفض التام في كل المحاولات، وقد اجتمعنا مع وكيل التربية والتعليم بدون أي نتيجة كما اجتمعنا مع عميد كلية التربية وطلبنا منهم مخاطبة وزارة التربية والتعليم” ، ولدعم قضيتهن لجأن لمخاطبة ممثلي الشعب في مجلس الشورى، وقد طرح أعضاء المجلس قضية مخرجات طفل ما قبل المدرسة للمناقشة في جلسة مع وزيرة التربية والتعليم قبل عامين” قمنا بمخاطبة مجلس الشورى لدعم قضيتنا، وقد قام المجلس بطرح قضيتنا في الجلسة الخاصة مع وزيرة التربية والتعليم قبل عامين واقترحت في وقتها بتحويل مخرجات التخصص إلى معلمات مجال للحلقة الأولى والذي لم ينفذ إلى الآن”، وتتفق مريم أن من الحلول المناسبة لحل مشكلة معلمات مهمشات هو ما طرحته وزيرة التربية والتعليم “توظيفنا كمعلمات مجال أول هو الحل لأننا كفؤ لذلك، فنحن درسنا جميع جوانب نمو الطفل واحتياجاته وكيفية التعامل معه”.
وتعبر عزيزة المسلمية عن استيائها في عدم تعيينهم كمعلمات مجال بعذر نقص الخبرة “يتم التعاقد معنا لسد النقص ولمدة 3 سنوات قمنا بالتدريس وعند المطالبة بالتعيين تقول الوزارة بأنه تنقصنا خبرات عن المجال رغم أن طاقم المدرسة يشهد بكفاءتنا، فما الذي ينقصنا يا وزارة التربية والتعليم؟!”.
سوء التنسيق سببًا في المعاناة
تعتقد الكلبانية أن سوء التنسيق بين جامعة السلطان قابوس ووزارة التربية والتعليم سببا في معاناة مخرجات هذا التخصص “سوء التنسيق بين جامعة السلطان قابوس ووزارة التربية والتعليم هو سبب المعاناة، فالمفترض أن يكون بينهم تنسيق في طرح التخصصات التي تتلاءم مع الوزارة”، ومنى المعشنية تجد أن الوضع بدأ يتفاقم ” مخرجات التخصص في تكدس والعدد يتزايد، أطالب وزارة التربية والتعليم بالنظر في قضيتنا وإيجاد حل قبل أن يتفاقم الوضع”، وتشارك آمال الراسبية في توجيه رسالة إلى وزارة التربية والتعليم تقول فيها “ارجو من الوزارة إعادة النظر في مخرجات تخصص رياض الأطفال، مخرجات التخصص ذو كفاءة وهم مناسبين للعمل كمعلم حقة أولى بجدارة” ، في الختام تتمنى مريم كغيرها من مخرجات هذا التخصص بأن توفر لهم فرص العمل المناسبة “أتمنى أن يتم توظيف كل مخرجات هذا التخصص ليس فقط مخرجات جامعة السلطان قابوس وإنما مخرجات الجامعات والكليات الأخرى في عمان وخارجها كمخرجات جامعة نزوى وجامعة مؤتة وغيرها من المخرجات حتى نساهم في تنمية وبناء الوطن”.