الصحوة – د.حمد بن ناصر السناوي
نشرت إحدى مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا صورة لفتاة من إحدى الدول العربيه تحمل لافته كتب عليها “اريد أن أتزوج ” ، تباينت التعليقات على هذا الخبر بين مستنكر لفعل هذه الفتاة و”إذلالها لنفسها “بطريقة التسويق هذه ، بينما علق البعض بان الزواج شيءٍ أساسي في الحياة و جزء من الفطرة البشرية السليمة ، لا يقتصر على تلبية الرغبات التي خلقنا الله بها بل يشمل تكوين اسره و الاسهام في تربية الابناء وبناء المجتمع ، بينما إتفق أخرون على أن أزمة العنوسة والتي تعاني منها العديد من المجتمعات العربيه والاسلامية لا تزال تؤرق الكثير من البنات و أولاياء امورهم .
تنتشر الامثال الشعبية والتي تعكس نظرة المجتمع للزواج ، فالزواج عادة “قسمة ونصيب ” و ” نصف الدين ” و في المجتمع المصري مثل يقول ” ظل راجل ولا ظل حيطة ” اشارة على عدم الاشتراط كثيرا في الزواج فالافضل للفتاه أن تستظل بظل زوجها حتى وإن كانت مساهمته في الحياة الاسرية قليله أو شبه منعدمه ، ولعل هذه الامثال وغيرها من الموروثات الشعبية و المعتقدات الاجتماعيه تدفع الفتاة الى التسرع احيانا في القبول باول عريس أو خفض سقف التوقعات بعد أن تتجاوز سن معينه خوفا من ان يفوتها قطار الزواج و تحمل لقب “عانس” و ما يصاحب ذلك نظرات الشفقة والاحباط من الوالدين وافراد الاسرة القريبين ، خاصة وان العادات والتقاليد في المجتمع العربي لا تسمح للفتاه باحضار العريس بل يجب عليها أن تنتظر ان يأتي اليها بنفسه محملا بالورود والهدايا والمهر الغالي عادة والذي يسهم في تقليل فرص الزواج في معظم الاحيان .
حتى وإن تم الزواج بعد أن يتسلف العريس من أهله واصحابه ، لا يضمن لها هذا حياة اسريه سعيده ، ففي بعض الاحيان يستيقظ العريسان بعد انتهاء شهر العسل على الواقع المؤلم والديون التي تنتظر السداد والعلاقات الاجتماعية التي تشمل التعرف الى اسر الطرفين و تقبل عاداتهم الاجتماعية و محاولة الانسجام والتوافق معها حتى وإن بدت غير منطقية ، فالشخص عندما يتزوج لا يرتبط بزوجته فحسب بل يصبح عضوا في عائلتها وكذلك الامر بالنسبة للفتاة التي قد تجد صعوبة في التأقلم مع حماتها و اخوات الزوج الواتي قد يرفضن وجودها في الاسره او يعاملنها ببعض من الترفع خاصة اذا كانت الفروقات الاجتماعيه كبيره بين اسرتي الزوجين ، هذه المناوشات وان كانت خفيفه فانها تصبح مع الوقت عبأ على الزوجين لا بد من التعامل معها بحكمة .
تقول احدى الفتيات التى حضرت للاستشارة النفسية ” بعد الاسابيع الاولي من الزواج نسي زوجي حقيقة أنه متزوج و لدية مسؤليات تجاه ، عاد الى رحلات التخييم مع رفاقه و سهرات منتصف الاسبوع ، وجدت نفسي وحيدة في غرفتي الصغيره التي تقع في منزل والديه ، اتناول الطعام معهم و اساعد والدته في الطبخ احيانا ثم أعود الى غرفتي أنتظر عودته من سهراته ورحلات نهايه الاسبوع ، وكلما اعربت له عن إمتعاظي اجاب ان الزواج ليس سجنا للرجل و يجب الا يقطع علاقة باصدقائه فقط لانه تزوج ، وغيرها من الاعذار الغير مقنعه ، شكوت لامي فنصحتني بالصبر وعدم البدأ في النكد و التأقلم مع الوضع الجديد ، فالحياة الزوجية حسب قولها بعيدة عن رومانسية المسلسلات المكسيكية وللافلام العربية القديمة.
هذه الفتاة ليس الوحيدة التي تمر بمثل هذه الظروف ، البعض يستحمل خوفا من الطلاق خاصة مع وجود الاطفال ومراعات حالتهم النفسية تجنبا من تفكك الاسره ، والبعض يلجأ للطلاق و ما يتبع ذلك مع آثار إجتماعية و إقتصادية لا تقتصر عواقبها على الزوجين بل تشمل الاطفال ، اذا نجد بعض علماء الاجتماع يشجعون عقد دورات تدريبية للشباب قبل الزواج يتم خلالها مناقشة الصعوبات التي قد تحدث وكيفية التعامل معها ، على أمل أن تكسب هذه الدورات الشباب مهارات التواصل مع شريك الحياة و كيفية حل المشكلات وغيرها ، وأن عزيزي القارئ ، هل يؤيد عقد مثل هذه الدوارات ؟