الصحوة –
- مدخلات التعليم العالي لدينا قوية جدًّا وتدار من قبل مركز القبول الموحد
- تختفي قيمة الشهادة بين من حصل عليها بجده واجتهاده ومن حصل عليها بالمال، فتكون المهارة هي الفيصل
- كثير من الشباب العماني محبط بسبب شح الفرص الوظيفية
- كبار المستثمرين حول العالم وإن لم يتلقوا تعليمًا أكاديميًا فإنهم لم يتوقفوا عن البحث عن المعرفة أينما وجدت
كبرى الشركات العالمية Google, Apple, IBM تعلن عن إسقاط شرط الشهادة الجامعية في التوظيف، الخبر لاقى انتشارًا وتفاعلاً من قبل مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعية، وفي “تويتر” وبالتحديد بين المستخدمين العمانيين كانت هناك ردود فعل متباينة حول الخبر، في حوار “الصحوة” نسلط الضوء على رأي المدون والمغرد بدر الجهوري والذي لاقت تغريدته حول الموضوع تفاعلاً كبيرًا بين المغردين العمانيين.
ضد التوجه
المدون بدر الجهوي يملك خلفية في العمل الأكاديمي وكذلك في مجال الموارد البشرية، وعن سؤالنا له إذا ما كان مع أو ضد التوجه إلغاء شرط الشهادة الجامعية في التوظيف يقول: “في الوقت الراهن ضد هذا التوجه في معظم التخصصات باستثناء تلك التي تعتمد بشكل أساسي على المهارة بدلاً من المعرفة”، وقد غرد الجهوري سابقًا حول رأيه عبر تويتر بتغريدة يقول فيها: “هذا التوجه لن ينجح في عُمان إلا بعد 20 سنة على الأقل”.
ويتخذ الجهوري هذا الرأي لسببين أساسيين، الأول: ” فرص النضج الفكري المتوفرة خارج المؤسسات التعليمية شحيحة في عمان في الوقت الراهن مقارنة بالدول الغربية مثل الولايات المتحدة، فما زالت الممارسات القديمة تطغى على سوق العمل مما يعرقل حرية ريادة الأعمال، والمجتمع المدني هنا لا يوفر فرص للتطور مقارنة بالولايات المتحدة على سبيل المثال”، بينما يعود السبب الثاني إلى مدخلات التعليم العالي ويوضح قائلا: ” مدخلات التعليم العالي لدينا قوية جدًّا وتدار من قبل مركز القبول الموحد، فحامل الشهادة الجامعية هو قبل كل شيء لديه قدرات ذهنية عالية أهلته للالتحاق بمؤسسة تعليم عالي راقية، بينما في الولايات المتحدة يمكن لأي شخص لديه القدرة على دفع الرسوم الدراسية ويملك أساسيات القبول أن يلتحق بأي جامعة، وبالتالي تختفي قيمة الشهادة بين من حصل عليها بجده واجتهاده ومن حصل عليها بالمال، فتكون المهارة هي الفيصل”.
تأثيرات الثورة الصناعية الرابعة
يؤكد الجهوري أنه مع الثورة الصناعية الرابعة سيكون الموظف الشامل هو المطلوب، فيقول: “بمرور الوقت ستصبح الشهادة الجامعية الأكاديمية أقل أهمية مقارنة بالشهادات التخصصية والتي ترافقها مهارة متخصصة في مجال بعينه، ولكن مع توجه الشركات للأتمتة Automation وتقليل المصروفات على العنصر البشري ستجد توجها نحو “الموظف الشامل” الذي يقوم بمهام مختلفة، وهذا التوجه يحتاج لنضج فكري عالٍ لا يمكن توفره حاليًّا في عمان خارج إطار المؤسسات التعليمية”.
ويوضح الجهوري بأن السوق العماني قد بدأ بالتأثر من توجهات الثورة الصناعية الرابعة ويمكن ملاحظة ذلك من خلال التوجه نحو الشهادات التخصصية ” الثورة الصناعية الرابعة بدأت فعليًّا بإلقاء ظلالها على السوق العماني، وبات هناك توجه نحو الشهادات التخصصية، بل وقامت العديد من الشركات بوضع بعض هذه الشهادات التخصصية كاشتراطات أساسية للتوظيف مثل شهادة PMP لإدارة المشاريع وCFA للمالية و SHRM أو CIPD للموارد البشرية وغيرها”، ويضيف: “هناك توجه جديد أتوقع نجاحه بقوة وهو Evidence-Based Microcredentials وهي الشهادات التخصصية المصغرة المبنية على الأدلة، وهذه برامج تدريبية تتراوح مدتها من أسبوع إلى 3 أشهر يمكن أن تغني تماما عن الشهادات الجامعية، ولكن هذه البرامج تحتاج للخبرة للبدء بها، وبالتالي لا تصلح للخريجين الجدد من المؤسسات التعليمية”.
الشباب العماني مُحبط
يعتقد الجهوري أن مثل هذه الأخبار – الإعلان عن اسقاط الشهادة الجامعية- تسبب الإحباط للشباب العماني، فيقول: “كثير من الشباب العماني محبط بسبب شح الفرص الوظيفية، ومثل هذه الأخبار قد تزيد من حالة الإحباط خاصة أن كثير منهم يحملون شهادات جامعية بتخصصات متميزة ولسان حالهم يقول (إذا كان حامل الشهادة لا يجد الوظيفة، فما حال من لا يحملها؟)، لذلك يعتقد الجهوري بأن على المتخصصين المشاركة بآرائهم لتوضيح الأمور للشباب والمجتمع، فيقول: “يجب على ذوي الخبرة إبداء آرائهم لتوضيح الكثير مما خفي في مثل هذه التقارير والأخبار لكي لا تصل المعلومة الخاطئة للمتلقي ويبني عليها آراء مغلوطة”.
ثقافة المعرفة تصنع فرصًا للنجاح
يؤكد الجهوري أنه يمكن أن تتاح للشباب العماني فرص أكبر للنجاح في سوق العمل بشرط عدم الاعتماد فقط على التعليم: “الاعتماد على التعليم فقط لا يكفي، ولكن المؤسسات التعليمية تتيح العديد من الفرص خارج المنظومة التعليمية التي تساعد على اكتساب الخبرات والمهارات كالأنشطة اللاصفية وبرامج التشغيل الطلابي والفرص التدريبية، وكلها مجتمعة تعطي الشباب فرص أكبر للنجاح في سوق العمل”، وعليه يشارك الجهوري الشباب بعضًا من النصائح يبدأها بتكوين ثقافة المعرفة “على الشباب (سواء كانوا طلبة في المراحل الدراسية أو الجامعية أو باحثين عن عمل) أن يكوّنوا ثقافة معرفة مبنية على البحث عن المعرفة أينما وجدت سواء بالقراءة أو حضور الفعاليات التي تنمي معارفهم، وأيضا المشاركة في الأنشطة التي يمكنهم من خلالها تطوير مهاراتهم سواء في الجماعات الطلابية أو الأنشطة التطوعية المختلفة”.
ويوضح الجهوري بأن المعدل التراكمي هو شرط إداري والمهارة والمعرفة والشخصية هم أساس تقييم المنافسين على الوظيفة: “الشركات قد تضع متطلبات تعليمية للوظائف (المعدل التراكمي مثلا) وهي اشتراطات إدارية ليس أكثر (لتقليل عدد من يتم اختبارهم)، ولكن عندما تبدأ عملية التقييم فإن المعدل التراكمي يكون خارج المعادلة، ويحل محله المهارة التخصصية والمعرفة والشخصية اللازمة لتلك الوظيفة”.
ويختم الحوار بنصيحة للشباب المتجهين نحو ريادة الأعمال، فيقول: “للشباب الذي يتوجه نحو ريادة الأعمال فإن هذا التوجه لا يغنيه عن اكتساب المعرفة، فكبار المستثمرين حول العالم وإن لم يتلقوا تعليما أكاديميا فإنهم لم يتوقفوا عن البحث عن المعرفة أينما وجدت، وأصبح المثال Read like a CEO “اقرأ كرئيس تنفيذي” شعارًا لأهمية القراءة واكتساب المعرفة لرواد الأعمال مهما علا شأنهم”.