الصحوة – إسحاق السعيدي
يُعَدّ التكافل الاجتماعي جزءًا هامًا من ثقافة المجتمع العماني، ويتجلى ذلك بشكل واضح في مناسبات الأعراس، حيث يساهم في تعزيز الروابط الاجتماعية وتعميق الترابط بين أفراد المجتمع، ويظهر التضامن بين الأهالي والأقارب والأصحاب.
وتتنوع أشكال التكاتف المجتمعي الذي يحدث في المناسبات والأفراح وتختلف مسمياته، إلا أن هدفه واحد وهو مشاركة العريس فرحته، وتعبيرا له عن حبهم له، وقامت “الصحوة” باستطلاع عدد من الأفراد من مختلف ولايات ومحافظات سلطنة عمان ليحدثونا عن عاداتهم الاجتماعية التي يسعون فيها إلى تقديم العون إلى العريس وليحملوا عنه شيئا من تكاليف العرس المجهدة.
دعم مالي:
يحدثنا عمار بامخالف من ولاية صلالة: “في مناسبات الأعراس يتم تجسيد التكافل الاجتماعي من خلال مساهمة أفراد المجتمع من الأهالي والأقارب والأصدقاء والجيران في تمويل الحفل من خلال دفع مبالغ مالية، فلدينا عادة اجتماعية تسمى بـ”المغبور”، وهي الطاولة التي يتم فيها تجميع المبالغ المالية دعما للعريس وفرحة بفرحته، حيث تبدأ هذه العادة في صباح يوم العرس أو عقد القران حتى ظهر ذلك اليوم، يتجمع فيها الناس في مكان يتم دعوتهم إليه من قبل العريس صاحب المناسبة، وهناك يبدأون بتقديم المبالغ كل بقدر استطاعته، فهناك من يقدم عشرات الريالات وهناك من يقدم المئات، مع تسجيل اسم كل المساهمين”، ويضيف بامخالف: “يصل مجموع المبالغ التي يتم تجميعها في المغبور إلى عشرات الآلاف، وهو مبلغ كبير يساعد العريس على تغطية مصاريف مناسبته بكل تفاصيلها بدءا من حجز القاعات وتقديم الولائم وصولا إلى السفر في شهر العسل”.
ومن جنوب عمان إلى شمالها، تتحدث نورة البلوشي من ولاية عبري عن نفس العادة الاجتماعية، إلا اسمها في ولايات محافظة الظاهرة “العينية”، وهي المبالغ التي يتم تقديمها للعريس لمساعدته في تغطية تكاليف العرس، والتي عادة ما تصل إلى آلاف الريالات.
وقفات معنوية:
يعدد عبدالله الشحي من ولاية دبا المساهمات الاجتماعية التي تحدث في الأفراح فيقول: “يتطوع الأهالي والأصدقاء بتوفير الذبائح وتجهيز الولائم، وهناك من يتكفل بحجز الفنادق والقاعات، ويقوم البعض بتوفير سيارة فارهة للعريس لاستخدامها في الزفة، أما النساء فيساهمن في تزيين وتجهيز قاعة الاحتفال”، كما يتحدث الشحي عن تأدية الفرق الحربية للفعاليات الموسيقية بالمجان عندما يكون صاحب العرس من أقربائهم أو أصدقائهم.
أما أسامة البلوشي من ولاية الخابورة فيعتبر أن استقبال الضيوف وتقديم الحلوى ووليمة العشاء لهم يعد من أشكال التكاتف المجتمعي مع أهل العريس، “يقوم الشباب بمساعدة العريس من خلال توفير الخنجر وباقي مستلزمات كشخة يوم العرس، كما تقدم النساء الهدايا وباقات الورد للعروسة”.
الأعراس الجماعية
انتشرت ظاهرة الأعراس الجماعية في عدد مناطق عمان منذ سنوات، يقول سعيد العزري من ولاية المضيبي أن هذا المحفل الكبير: “ظهر في المضيبي لأول مرة في عام 2017 تحت اسم “المودة والرحمة” تحت إشراف وتنظيم عالي المستوى من قبل الشيوخ والأعيان، ومنذ ذلك الوقت استمرت إقامة العرس الجماعي بشكل سنوي إلى أن وصلنا إلى العرس الجماعي الخامس في هذا العام” ويكمل العزري عن فوائد هذه البادرة: “يدفع المعرس مبلغا زهيدا عند مشاركته في العرس الجماعي، في مقابل تكفل المنظمين بتنظيم حفل الزفاف وتوفير الولائم، وبذلك توفر هذه المبادرة الكثير من المصاريف على المقبلين على الزواج”.
ويؤكد المشاركون في هذا الاستطلاع على أن التكافل الاجتماعي في مناسبات الأعراس أحد الأسس المتينة للترابط المجتمعي، وتعزز الروابط العائلية والجيرانية.