الصحوة – فاطمة بنت حمدان السالمية
من منطلق مقولة: “ما بين كسر القلوب وكسب القلوب خيط رفيع يسمى الأسلوب” هنا ندرك أن الأسلوب في التعامل مع الآخرين يُحدث فرقًا كبيرًا في العلاقات بين الأشخاص، وهذه المرحلة تتطلب جهدًا مضاعفًا من الشخص نفسه، فكسب القلوب ليس بالأمر السهل لكون الطبيعة البشريّة متقلبة للغاية، ولا أحد يملك مفتاح القلوب لاستمرارية كسبها على الدوام، ولكن هناك آليات هي: الذكاء الاجتماعي، التمكين الاجتماعي، والكاريزما الاجتماعيّة، والذي بدوره أصبح اليوم فارقًا في مجال التنمية البشريّة، ولنقول: “هوسٌ إيجابي” نوعا ما يسعى من خلاله الأشخاص للوصول إليك، وطرق أبوابه لما فيه من فوائد في تسهيل العلاقات سواء في العلاقات العامة أم تلك التي تُمارس في بيئة العمل أم غيرها من العلاقات البشريّة الأخرى.
حوارنا مع الأستاذة عائشة بنت عبدالله بن حمد الكلبانيّة باحثة ماجستير في علم الاجتماع بجامعة السلطان قابوس، عضو في جمعية الاجتماعيين العمانية، مهتمة بالبحث في ميدان علم الاجتماع بشكل عام وفي مجال علم اجتماع الثقافة بشكل خاص.
– يلوح في أفق التنمية البشرية مفهوم الذكاء الإجتماعي، فماذا يعني! وهل يعتبر مفتاح النجاح لأبواب العلاقات واستراتيجية ناجحة؟
الذكاء الاجتماعي هو القدرة على فهم الآخرين والتفاعل معهم بشكل فعّال وصحيح في المواقف الاجتماعيّة. كما أن الذكاء الاجتماعي ليس استراتيجيّة نجاح بالمعنى الصريح، ولكنه يُعتبر مهارة هامّة في الحياة اليوميّة وفي العلاقات الشخصيّة والمهنيّة، والذكي اجتماعيًا يمتلك ميزة مهمة جدًا وهي قدرة التأثير في الآخرين، وهي ميزة لابد من وجودها في القادة لضمان نجاح سير العمل في أي بيئة.
– كيف يمكن للشخص أن يطور من نفسه ويقفز بهذا الذكاء إلى رحاب اوسع في العلاقات الاجتماعية؟
أنا أُفضّل أن أصطلح عليها بمكونات الذكاء الاجتماعي والتي نستنبطها من التعريف الذي سبق وأن أشرت له، وهي: (التفسير- الممارسة – التطور)
التفسير: يكون مبني على الفهم الصحيح لتصرفات وسلوكيات الآخرين، ثم تفسيرها من وجهة نظر شاملة متجنبين فيها أحكامنا المسبقة عن الشخص (تقييم الفعل وليس صاحب الفعل).
الممارسة: وهي مرتبطة بالمكون السابق، فإذا كانت عملية تفسيرنا صحيحة سنستمر في الممارسة الصحيحة بمعنى أننا سنتفاعل مع الآخرين بشكل إيجابي فعّال ومناسب لما يتطلبه الموقف، وبعدها يمكننا تكوين علاقات إيجابية مع الآخرين تمدنا بتجارب وخبرات نستطيع الاستفادة منها لاحقاً.
التطور: ناتج عن انفتاح واستيعاب الفرد لمختلف الشخصيات والأعمار والفئات والأجناس وفهمها واحترامها، كذلك أن نخلق من كل موقف تجربة تعلّم للمستقبل.
إذا اعتبرنا الذكاء الاجتماعي مهارة، فإنه بلا شك تطويره يعتمد على الممارسة والتجربة، وهو بالضبط مثلما ذكرنا في مكونات الذكاء الاجتماعي.
– هل للذكاء الإجتماعي عدّة آوجه بحيث يُمارس حسب البيئة التي ينتمي إليها الشخص؟ وكيف يهيمن على الأشخاص بداعي التأثير؟؟
يمكننا استخدام الذكاء الاجتماعي في البيئات المختلفة بطرائق متنوعة ففي الجو الأسري، يمكننا أن نظهر تفهمًا واهتمامًا بأفراد العائلة ونتعاون معهم في حل المشاكل. أما في العمل، فيمكننا أن نظهر قدرات قياديّة وتعاونيّة، وأن نتواصل بفعّالية مع زملائنا ونعمل كفريق واحد.
إن مسألة التأثير في الأخرين ليس بالأمر السهل بل يحتاج من صاحبه بناء علاقات جيدة مع الآخرين قائمة على الإلهام والنقد الإيجابي، وتقديم الدعم والمشورة لهم وهو الأمر الذي ينتج عنه بناء رأس مال اجتماعي جيد، فإذا ما وجدتْ هذه الشروط في الفرد اطلقنا عليه “ذكي اجتماعيًا” ولذا يكون قد حصل قدرة التأثير في الآخرين.
– هل هناك طريقة صحيحة حتى يصل الشخص إلى ضِفة الإنصات للطرف الاخر، حتى يتجنب نفور الآخرين منه؟
هنا يجب أن نفرق بين مفهومين الأول هو الاستماع وهو عملية تلقي الأصوات والكلمات من الطرف الآخر، بينما الانصات يعني أن نكون مستعدين لفهم وتفسير ما يُقال والاستجابة بشكل مناسب وهذا ما نحتاجه عندما نتعامل بذكاء اجتماعي.
– وسط كِثرة المصطلحات اليوم وبالذات في عالم التنمية البشرية، هناك من يعتقد بأن الكاريزما الإجتماعية والذكاء الإجتماعي وجهان لعملة واحدة؟ ما رأيك؟؟
الكاريزما الاجتماعيّة هي القدرة على جذب وإلهام الآخرين من خلال التفاعلات الإيجابيّة المميزة اللفظيّة وغير اللفظيّة.
إذا كان الذكاء الاجتماعي يعني فهم العلاقات الاجتماعيّة والتفاعلات بين الناس، فإن التمكين الاجتماعي يشير إلى تمكين الآخرين وإشعارهم بقيمتهم وقدراتهم. أما الكاريزما الاجتماعيّة تعزز الجاذبيّة والتأثير الاجتماعي للفرد، وكلها تعتبر توليفة مهارات ضرورية للتفاعل بإيجابية مع مجريات الحياة اليومية.
– البعض يظن بأن السعي خلف الذكاء العاطفي سيجلب فهم أوضح وخبرة في الذكاء الاجتماعي لظنّه بأن المفهومين يحملان المعنى نفسه؟
هناك خلط حاصل بين الذكاء الاجتماعي والذكاء العاطفي، فالذكاء الاجتماعي مثلما ذكرنا يتعلق بفهم الآخرين والتفاعل معهم بطريقة فعّالة، بينما الذكاء العاطفي يتعلق بفهم وإدارة المشاعر بما في ذلك المشاعر الخاصة بنفسك والآخرين.
– دائمًا نسمع بأن فلان لبق في الحوار، أو لدية طلاقة لفظية تجعله يلفت المستمع له، كيف يمكن أن نصل إلى هذه المرحلة؟
يمكننا تطوير مهارة الطلاقة اللفظية لدينا من خلال ممارسة الحوار والمحادثة بانتظام، قراءة الكتب والمقالات، كذلك مشاهدة الأفلام والمسلسلات، كما يمكننا أيضًا الانضمام إلى دورات تدريبيّة أو ورش عمل لتحسين مهاراتنا في التواصل اللفظي. أيضاً هنا نؤكد على أن مهارة الذكاء الاجتماعي إذا ما وجدتْ لدى الفرد ممكن أن تعزز لديه مهارة الطلاقة اللفظية.
– كيف يمكنني أن أصل إلى مستوى أو مرحلة التميكن الاجتماعي؟ هل هناك خطوات معينة؟
التمكين الاجتماعي يعني إعطاء الأفراد الفرصة لإظهار مهاراتهم وقدراتهم ومعارفهم، وكذلك دعمهم للمشاركة والمساهمة في المجتمع واتخاذ القرارات. يمكن تحقيق التمكين الاجتماعي عن طريق تعزيز المهارات الاجتماعيّة والثقة بالنفس، وتوفير بيئة تشجع على المشاركة والتفاعل الإيجابيّ، ولذا امتلاك الفرد لمهارة الذكاء الاجتماعي يعني استعداده لترك مساحة للآخرين للتفاعل داخل المجتمع.