الصحوة – قصي بن سليم المسلمي
في كل لحظة، يخسر شخص ما معركة الحياة بسبب نقص حاد في الدم، وبينما يزداد الطلب على الدم يوميًا، يقل عدد المتبرعين بشكل مخيف، تاركًا وراءه قصصًا حزينة وصرخات لا تُطاق. إن نقص الدم ليس مجرد أزمة طبية عابرة، بل هو مأساة إنسانية تُهدد حياة المئات، حيث في كل يوم يخسر الكثيرون معركتهم مع الأمراض، وتتلاشى آمالهم بالشفاء، لكن في كثير من الأحيان يكون هناك بصيصٌ من الضوء، يمكن أن ينقذ حياة إنسان ما، وهذا الضوء يكمن في المتبرع بالدم.
عندما تتبرع بالدم، فأنت تقدم هبة لا تقدر بثمن، هبة تمنح الحياة لمن يحتاجونها بشدة، فكم من قلوب تدعو وتنتظر، وكم من أرواح تتوسل بين الحياة والموت، متوقعةً نجاةً قادمة من بعيد.
فأين أنت أيُّها المتبرع؟ أين مشاعرك النبيلة وروحك الإنسانية؟ ألم تسمع صرخات المرضى وأنين عائلاتهم؟ ألم تنظر إلى عيون الأطفال التي يخبو بريقها بسبب نقص الدم؟
ذلك النقص هو الفارق بين الحياة والموت للعديد من المرضى والمصابين بالحوادث الطارئة، لذلك فهذه مأساة وليست مأساة بعيدة، بل قد تكون قريبة جدًا منا، فماذا لو كان أحد أفراد عائلتنا في حاجة ماسة إلى وحدات من الدم؟
فلا تنتظر أن تُصاب أنت أو أحد من أحبائك حتى تدرك أهمية التبرع بالدم، قطرات من دمك قد تُحدث فرقًا هائلاً في حياة شخص ما.
فالتبرع بالدم ليس مجرد عملية طبية، بل هو واجب إنساني ومسؤولية أخلاقية، فليس هناك شعور يضاهي الشعور بالفخر والرضا عندما تعلم أن دمك قد أنقذ حياة إنسان ما، وهذا الفخر لا يأتي إلا من العطاء والتضحية. إذا كنت تتردد في التبرع بالدم، فلتفكر في الأرواح التي يمكن أن تُنقذ والأمل الذي يمكن أن تعيد بثه في قلوب الآخرين.
ربما يبدو التبرع بالدم بسيطًا، ولكنه يحمل في طياته قصص حياة وأمل، ينتظرها الكثيرون بفارغ الصبر، وإنه فرصة لتغيير مجرى الأحداث، ولرسم البسمة على وجوه الذين يعانون، فلنقف معًا في وجه هذه المصاعب ولنمنح الحب والأمل لمن يحتاجون، ولنكن سببًا في إنقاذ حياة إنسان، فقط ببضعة لترات من الدم، فهذه فرصة لنا جميعًا لترك بصمة إيجابية في حياة الآخرين وجعل العالم مكانًا أفضل.