الصحوة – مروة السعيدية
أتذكر ذلك اليوم جيدًا ولا يمكن لي نسيانه بأدق تفاصيله، فلقد كان مؤثرًا وحتمًا سيؤثر فيك أيها القارئ …
أردت ذات يوم حضور ورشة من الورشات، فطلبت من والدي إيصالي إلى مكان الورشة وفعلا وافق بحكم أنني البنت المدللة بالنسبة له .
كانت مدة الورشة ٧ ساعات وكان المكان يبعد عن المنزل ٤٥ دقيقة .
قلت لوالدي : ارجع إلى المنزل وعندما أنتهي من الورشة أخبرك بذلك لتأتي لاصطحابي مجددًا
وقال لي حينها: بإذن الله
دخلت الورشة وكنت مستمتعة جدًّا فكان فيها الجانب العملي والنظري في آنِ واحد وقبل نهاية الورشة بنصف ساعة أرسلت لأختي أن تخبر أبي بأن يأتي لاصطحابي (بحكم أن والدي لا يعرف الكتابة والقراءة) لكن كانت صدمتي أن والدي ينتظرني أمام مقر الورشة منذ الصباح أي ٧ ساعات في مواقف السيارات وقد تحمل حرارة الجو والجوع والعطش .. ينتظرني إلى أن تنتهي الورشة التي كان بإمكاني عدم حضورها …
انتظرني في مكان لا يوجد به مكيفات وأنا في الداخل، كنت مستمتعة بالجو البارد، وكنت أشرب وأتناول طعامي وهو ينتظرني بفارغ الصبر بدون طعام ولا شراب حتى أنه لم يذهب للصلاة.. فقط كان ينتظر مني اتصال بأن أخبره أنني انتهيت من الورشة .
وقبل ذهابي كان يقول لي: “سوف تظلي ٧ ساعات بدون طعام ولا شراب” .قلت له :”لا سوف يتم توفير الطعام لي” قال لي: “الحمدلله ”
لكنه كان يظن أني كنت أمزح معه بحكم مزحي الكثير مع عائلتي …
، كل هذا الشريط مر علي عندما أخبرتني أختي بأنه ينتظرني وهو لم يعد إلى المنزل، دمعت عيني وخرجت مسرعة دون أن أتصل به عندما خرجت رأيته أمامي يضحك-رغم وضوح التعب عليه – وقال لي: “هل انتهت الورشة؟” قلت له:” ليتني لم أحضر” وقال لي :”لماذا ألم تعجبك!” قلت له:” أعجبتني لدرجة أنني نسيت والدي في الخارج في الحر بدون ماء أو طعام، أنستني الإنسانية أصبحت أفكر في نفسي ونسيتك أنت في الخارج “. أنتابني الندم الشديد لحضور تلك الورشة، مهما كانت مفيدة وممتعة إلا أنها لا تساوي تعب والدي ، ولا تساوي ساعات الانتظار من أجلي . تعلمت درسًا لن أنساه طول سنوات حياتي (الأب نعمة من الله لا يمكن أحد أن يعوضنا إياها إنا فقدنها يوما ما ).
مهما نزلت دموعنا على مواقف مثل هذه لَما شعرنا بحجم تضحيات والدينا لنا والمقابل ماذا فعلنا نحن لهم!!
كم مرة جعلناهم يبكون من تصرفاتنا أو كلامنا !!
كم مرة رفضنا تلبية احتياجاتهم بحكم انشغالنا !!
نصيحتي لكل شاب وشابة في هذه الحياة، أسعوا دائما إلى رضى الله ورسوله ومن ثم رضى والديكم فهم نعمة من الله لا يمكن لأحد أن يعوضنا إياها وهم سندنا في هذه الحياة .