الصحوة – د.حمد بن ناصر السناوي
تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي منذ أيام خبر انتحار مراهق، وورد في الخبر أن المرحوم أقدم على قتل نفسه بعد مشادة مع والده، الذي قيل أنه أخذ هاتفه خلال وقت الغداء، ومن الصدف الغريبة أنني كنت في أحد الدول الشقيقة منذ أسابيع كطبيب استشاري زائر، وحضر إلى العيادة رجل في الستين من العمر، وذكر حادثة مشابهة حين أقدمت ابنته التي كانت تبلغ من العمر ١٧عاما على الانتحار بأخذ جرعة زائدة من أدويته بعد أن قام بتأنيبها حين عثر على هاتف محمول بحوزتها، وبعيدًا عن الخوض في تفاصيل شخصية عن الحادثتين قادني الامر إلى الحديث عن الموضوع بشكل عام كي تعم الفائدة.
تشير احصائيات منظمة الصحة العالمية أن الانتحار يعتبر ثاني أسباب الوفاة لدى الشباب بين عمر الخامسة عشر والثلاثين. ورغم صعوبة الاستنتاج بأن سبب الوفاة هو فعلا انتحار والذي يقصد به أن يقتل الفرد نفسه متعمدًا، ففي العديد من الحالات لا يقصد الفرد فيها إنهاء حياته بل الهروب من موقف معين أو التعبير عن سخطه لشخص ما أو الاحتجاج على تصرف قام به طرف آخر إثر مشادة كلامية مثلا، أو حتى طلب المساعدة من الآخرين إلا ان الموضوع يخرج عن السيطرة وينتهي بالوفاة، ربما لأن الفرد أخطأ في تقييم عواقب الفعل الذي قام به، مع إيماننا الشديد بان الإعمار بيد الله على أية حال.
أصبح متداول بين البعض مع الكثير من النظريات لفهم ما الذي يدفع شاب في مقتبل العمر إلى إنهاء حياته، سألني أحد الزملاء: هل تعتقد أن الهاتف المحمول هو السبب؟، هل أصبح البعض “مدمنين للهاتف المحمول ” لدرجة أن يقوم بإنهاء حياته لأنه حُرِمَ من الهاتف؟ ولهذا الزميل أقول: أن الانتحار فعل ضد الطبيعة البشرية وإن معظم المنتحرين يعانون من مرض نفسي ما، مثل الاكتئاب الشديد والذي يشعر معه الفرد باليأس وفقدان الأمل في الحياة إلا أن بعض الحالات يكون الفرد فيها متهورًا لا يعي عواقب أفعاله فيقوم بالفعل دون تخطيط مسبق.
الكثير الآباء يتذمر من الاستخدام المفرط للهاتف المحمول من قبل الشباب والمراهقين بشكل خاصة حتى أن الواحد منهم لا يكاد يرفع رأسه عن الهاتف ، ويفضل الدردشة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، أو قضاء ساعات طويلة أمام ألعاب الفيديو التي تدفع البعض إلى إدمانها ، وأمام حيرة الأهل في فهم هذا السلوك و انشغالهم في أعمالهم اليومية ، تبقى فكرة تنبيه الشباب إلى أهمية الانتباه لأهمية الوقت وعدم تضييعه في الدردشات التي لا جدوى منها او ألعاب الفيديو التي تستنزف الوقت والطاقات، واستبدال ذلك بالخروج من المنزل والحديث مع أشخاص حقيقيين وجها لوجه و ممارسة الرياضة التي تنمي الجسم والعقل وتمنح الشاب فرصة في بناء جسمه والمحافظة على صحته.
أدام الله على الجميع نعمة الصحة والعافية