الصحوة – محمد بن سعيد القري
بالرغم من الرسائل التوعوية التي تبثها الجهات الحكومية المختلفة وَفي مقدمتها وزارة الصحة، والقرارات التي تصدرها اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا كوفيد ١٩ كإغلاق المساجد و المحال، وتعليق الدراسة، ووقف التنقل بوسائل النقل العام، وتقنينها في سيارات الأجرة، ومنع التجمعات بكافة صورها، أيضا تقليل عدد الموظفين في المؤسسات العامة إلى أقل من ٣٠ بالمئة، وإمكانية العمل عن بعد في البيوت عن طريق استخدام التقنيات الحديثة، وغيرها، إلا أن عددا من الأشخاص لم يعوا إلى الآن خطورة عدم التصرف بمسؤولية التقيد بالإرشادات التي تقيهم وتقي المجتمع من انتشار هذا الفيروس، وأن المسألة لا تقف عند حدود صحة الفرد فقط، بل هي صحة المجتمع كله، ومسؤولية كبرى يشترك فيها الجميع؛ لأن العواقب قد تكون وخيمة ومتفاقمة كما حدث في العديد من الدول – لا سمح الله – والذي لا نرجوه أن لا يصل الوضع إلى مراحل من الصعب السيطرة عليها، وكل الرجاءأن تبقى أعداد الحالات المسجلة في حدود الاحتواء وانتهائها في أقرب وقت.
ومن بين تلك المخالفات التي ما تزال موجودة، بعد قرار غلق المحلات المختلفة، دأب بعض الحلاقين على ممارسة مهنتهم في أماكن سكنهم التي هي أصلا مكمن الخطر الأكبر، حيث تنعدم البيئة الصحية اكثر مما لو كانت في محل الحلاقة نفسه، بل قد يصل الأمر إلى استخدام أدوات متواضعة النظافة بسبب استخدامها كأغراض شخصية موجودة في السكن. وقد يرد أحدهم بأن ما يضطر هؤلاء على مخالفة الأمر مسألة ضرورة دفع الإيجار الشهري لصاحب المحل (مع وجود مسألة قانونية من المفترض أن تحمي المستأجرين في ظل وجود هذه الجائحة)، أو أنه الرزق الوحيد الذي يعتاش عليه هؤلاء وأسرهم البعيدة التي تنتظر منهم المال اللازم لتوفير مستلزمات الحياة الأساسية.
وحقيقة الأمر أيضا والذي شجع أكثر على هذه المخالفة من قبل العمالة الوافدة، هو إصرار أبناء البلد أنفسهم للذهاب إلى مقار سكن الحلاقين للحصول على تلك الخدمة مهما كلف الأمر، ولو على حساب صحتهم، وصحة الجميع، فلماذا لا نجعلها فترة نتعلم فيها خدمة أنفسنا بأنفسنا ولو كانت صعبة، حتى تنجلي هذه الجائحة وتعود الحياة إلى طبيعتها.
شيء آخر هي التجمعات التي ما يزال عدد من الأشخاص يداومون عليها في الأماكن العامة، بالرغم من غلق الكثير من المرافق مثل الحدائق كضرورة ملحة..وكأن واقع الحال يقول بلزوم إصدار قرار حظر تجول جزئي، في الفترة المسائية، كما فعلت بعض الدول! وهل هنالك عذر للخروج بعد قرار إغلاق المساجد التي تؤدى فيها أهم شعيرة حرصا وتعبيرا عن صعوبة وخطورة الوضع الذي يمر به العالم؟!
وظهور مخالفات أخرى كصنع ونشر الإشاعات، مما يعني عبئا على المعنيين للرد عليها وتفنيدها، بالرغم من وجود قنوات تواصل رسمية يمكن الرجوع إليها والتأكد من المعلومات التي تنشر.
هنالك مخالفات، وسبب هذه المخالفات الأشخاص أنفسهم، إما عنادا كما يحدث من قبل الأشخاص المصابين الذين من المفترض أن لا يخرجوا من بيوتهم، لذا فإن زرع ثقافة عامة حول السلوكيات الصحيحة تتطلب من الجميع النصح والتوعية بشكل يضمن تكاتف كل الأطراف من أجل التغلب على جميع التحديات التي تطرأ، وفي كل الأحوال. وكل الثقة بأننا على قدر المسؤولية كما عهدنا من أبناء هذا البلد، ؛ لأن الجميع يعي أن الوقاية الوحيدة والعلاج الوحيد هو المكوث في البيوت للأصحاء، والحجر الصحي للمصابين، ولا يوجد حل آخر حتى الآن لأن العدوى قد تطال أشخاص لا يستطيعون تحمله. نسأل الله أن يديم على عمان وأهلها بموفور الصحة وأن يخرجنا من هذه الجائحة بسلام.