الصحوة – سليمة عبدالله المشرفية
إن الأدب بفرعيه النثر والنظم هو ابن الثقافه التي ينتمي إليها لذلك كان بدهيا ذالكم التغيير الذي طرأ عليه منذ انطلاق دعوة الإسلام على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم وللأدب الإسلامي مذاق آخر ونكهة مختلفة ممزوجة بمنطلقات فكرية نابعة من روح الإسلام ولبه حيث أنتج الشعراء أغراضا جديدة لم يكن يعرفها الشعراء في جاهليتهم ومن ذلك المدائح النبوية التي برع فيها الشعراء كلا على حسب موهبته وبراعته ولم يكونو ليبلغو شأوه عليه الصلاة والسلام ولكنها بذل المجهود لنيل المقصود ولعل في مقدمة المدائح النبوية هي قصيدة البردة التي ذاع صيتها ومشى بها الركبان وقصيدة البردة هي للصحابي الجليل كعب بن زهير الذي يقول في مطلعها:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبولُ***** متيمٌ إثرها لم يفدى مكبولُ
وسميت بالبردة لإنه عليه الصلاة والسلام خلع بردته على كعب بعد إنشادها إياه ولقد تبارى الشعراء بعده في تقليد أسلوب هذه القصيدة ونظم قصائد مشابهة لها ومن ذلك قصيدة الشاعر العباسي أبو المظفر الأبيوردي الذي يقول في مطلعها:
خاض الدجى ورواق الليل مسدولُ**** برق كما اهتز ماضي الحد مصقولُ…
ومن ذلك أيضا قصيدة البوصيري في أواخر العصر العباسي والتي ذاع صيتها هي الأخرى حتى كاد لايعرف غيرها باسم البردة التي يقول مطلعها:
أمن تذكر جيران بذي سلمِ ****مزجت دمعا جرى من مقلتي بدمِ
وبردة البوصيري غايرت بردة كعب وزنا وقافية وإن كانت سارت على النهج نفسه من الوقوف على الأطلال في مستهلها ثم الدخول في موضوع مدحه عليه الصلاة السلام ولقد جاء أمير الشعراء أحمد شوقي في العصر الحديث بقصيدة أسماها نهج البردة قلد فيها بردة البوصيري بمطلع يقول: ريم على القاع بين البان والعلمِ**** أحلَّ سفك دمي في الأشهر الحرمِ …
من ذلك نرى هذا الاهتمام الكبير من الشعراء بهذه القصيدة التمجيدية عبر الزمن ومحاولة محاكاتها وتقليدها وما ذلك إلا أنها جمعت بين عادة الشعراء في الجاهلية وبين مدح محمد عليه الصلاة والسلام في نظمٍ مترابطٍ متوازنٍ غير مختل وبلغة سهلة عذبة في قالب تقليدي أصيل يلج إلى قلب المتلقي ويملك عليه لبّه..