الصحوة – د.حمد بن ناصر السناوي
في الأسبوع الماضي بعث لي أحد الزملاء رسالة تقول بأنه وفقًا للأرقام المتوفرة من المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، تم تسجيل 18243 حالة زواج في عام 2019 في السلطنة، مقارنة بـ 3728 حالة طلاق في العام نفسه، مما يدل على أن معدل الزواج وصل إلى أدنى مستوى له في السنوات الخمس الماضية، بينما زادت حالات الطلاق إلى أكثر من 10 حالات في اليوم.
هذه الأرقام مقلقة وتدعو إلى المزيد من الدراسات الاجتماعية لمعرفة أسباب عزوف الشباب عن الزواج وأسباب ارتفاع معدلات الطلاق وكيف يمكن تفاديها.
تشير الدراسات النفسية من مختلف دول العالم الي التأثير السلبي النفسي والاجتماعي للطلاق على الزوجين وعلى الأطفال بشكل خاص وعلى الرغم من أنه في بعض الحالات يمكن أن يكون الطلاق هو الحل خاصة مع وجود العنف الأسري.
قرأت مؤخرا دراسة بعنوان “الطلاق في دول الخليج العربي، تحد كبير للأسرة والمجتمع” ذكر فيها الكاتب الأرقام المسجلة لحالات الطلاق من مختلف دول الخليج مما يشير إلى وجود تغييرات في مفهوم الزواج في دول مجلس التعاون الخليجي وتشمل الابتعاد التدريجي عن الزيجات المرتبة، والتأخر النسبي في سن الزواج، وظهورالزيجات بين أشخاص من جنسيات وطبقات مختلفة، كما أظهرت الدراسة أن معدل الطلاق في كل من مملكة البحرين والكويت وقطر والإمارات تراوحت بين 34٪ و 46٪ ، بينما وصلت نسبة تأخر زواج النساء إلى 15٪ -20٪ ، بينما بلغ معدل الطلاق في المملكة العربية السعودية 20 ٪ مع وجود 1.5 مليون امرأة غير متزوجة.كما تشير الدراسة بأن معدل الطلاق عادة ما يكون أعلى في السنوات الثلاث الأولى من الزواج ، ثم ينخفض في السنوات اللاحقة.
والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا تتزايد معدلات الطلاق؟
تقترح الدراسات النفسية الأسباب التالية:
١- الزواج التقليدي والذي لا يزال شائعا في العديد من دول الخليج حيث يقوم الوالدين باختيار الزوجة لابنهم مما يعني أحيانا حرمان الشباب من حرية اختيار شريكة الحياة وعدم وجود اهتمامات مشتركة بين الزوجين مما يؤدي عن ابتعاد الطرفين عن بعضهما البض.
٢- صعوبات التواصل بين الطرفين، فقد تكون المرأة تفضل الزوج الرومانسي الذي يستمر في إظهار الحب والمودة بعد الزواج بينما يكون الرجل من النوع الغير رومانسي مما يؤدي إلى الإحباط وخيبة الامل لدى الزوجة وكثرة التذمر من غياب العاطفة في الزواج.
٣ -الصعوبات المالية فبعض العائلات لاتزال تتطلب مهرا باهظًا إلى جانب تكلفة الزفاف. وهذا يعني أن الزوجين سيبدآن حياتهما بمشاكل مالية يمكن أن تتفاقم بسبب عادات الادخارالمختلف بين الزوجين مما يؤدي الى الخلافات المستمره.
٤- عدم التوافق بين الأزواج في العمر فقد يتزوج رجل في منتصف العمر أو كبير السن من فتاة مراهقة، كذالك عدم التوافق في مستوى التعليم والوضع الاجتماعي والاقتصادي.
٥- عدم الدراية بأن الأسرة تتطلب الالتزام والعمل الجاد ، ففي بعض الأسر يكون الزوج غائبًا في كثير من الأحيان إما في العمل أو في الخروج مع أصدقائه طوال الوقت دون أن يشارك في الواجبات المنزلية وتربية الأطفال التي تترك للزوجة أو العاملة للتعامل معها وهذا يؤدي الى الخلافات الزوجية.
٦- العنف الاسري بأنواعه المختلفة فالزوج قد يمارس العنف ضد زوجته، أو تقوم زوجة الأب بممارسة العنف ضد أبناء زوجها، أو يمارس أهل الزوج العنف ضد الزوجة، أو تمارس الأم العنف ضد أبنائها ذكوراً وإناثاً، كل هذا يجعل الحياة الزوجية تعيسة قد يكون الطلاق هو الحل الوحيد.
هل يمكن التقليل من معدلات الطلاق؟
يمكن تلخيص الإجابة إلى جزئين، دور الاسرة ودور المجتمع، بالنسبة لدورالاسرة يجب أن نبدأ بإشراك الطرفين في إختيار شريك الحياة وعدم التسرع أو الانخداع بالمظاهر، كذلك الابتعاد عن البذخ في حفلات الزفاف والمهور المرتفعة التي تسبب مشاكل مادية للعروسين، بينما يكمن دور المجتمع في تنظيم برامج تثقيفية لتنمية الوعي العام حول أهمية الزواج والأسرة وتوفير خدمات الاستشارة الزوجية لتمكين الأزواج الشباب من حل مشاكلهم وتجاوز الأزمات التي قد يتعرضون لها.
وأخيرًا ، ورغم أن الطلاق يعتبر خيارًا شخصيًا، إلا أن تبعاته يدفع ثمنها الجميع، وإن كان لا بد منه فقد يحتاج الطرفان إلى التفكير بعمق قبل إتخاذ القرار.