الصحوة – سليمه بنت عبدالله المشرفية
مع نهاية القرن التاسع عشر تولدت لدى اليهود فكرة ملحة تتمثل في ضرورة أن يكون لهم وطنٌ قومي يلم شتاتهم وبطبيعة الحال وتبعا لاعتقاداتهم الدينية يجب أن يكون هذا الوطن هو فلسطين وكان قادتهم يؤمنون إيمانا عميقا بهذا الأمر ويسعون إلى ذلك سعيا حثيثا دافعين في سبيل ذلك كل ما يملكون ومستعدين لركوب الأخطار ومصارعة التحديات وتذليل الصعوبات التي تحول دون تحقيق هدفهم المنشود!
وقد تردد هرتزل كثيرا على السلطان عبدالحميد من أجل السماح باستيطان اليهود في أرض فلسطين مقابل الأموال الطائلة التي تُمكِّن الدولة العثمانية من استعادةِ انتعاشها الاقتصادي وتسديد ديونها الخارجية إلا أن إيمان عبدالحميد بأهمية هذه البقعة المباركة من أرض الإسلام كان أكبر من كل إغراءات المال والسلطة فحال رحمه الله دون هدف اليهود وقال مقولته الشهيرة لهرتزل بعد كثرة محاولاته – التي بلغت ستُ محاولات عدا عن محاولاته مع الصدر الأعظم وغيره التي بلغت سبعٌ وعشرون محاولة –
“إنك لن تصل إلى فلسطين في عهدي فإذا ذهبت أنا أخذتها دون مقابل”
ومات هرتزل دون أن يرى هدفه الذي قضى حياته حالما بتحقيقه وجاءوا من بعده فأكملوا مسيرته وناضلوا من أجل تحقيق الهدف يدفعهم إيمانهم العميق بضرورة ذلك حتى تحقق الهدف بعد أكثر من نصف قرن من النضال المستمر
وقد ناضل الشعب الفلسطيني في سبيل استرجاع أرضهم ودفعوا لأجلها أرواحهم ومهجهم ولكن هناك من بني جلدتهم من يطعن نضالهم من الخلف ويعيش على حساب غدرهم وخيانتهم بأموال يدفعها عدوهم والخونة كثر
واليوم بعد سنين من العمل تحت الطاولة والتطبيع مع الصهاينة بالسر الذي كثيرا ما تم تداوله علانية فحبل الكذب قصير مهما حاول الكاذب المراوغة يأتي من يطبّع مع العدو الصهيوني اللدود علانية في وضح النهار بكل فخر وتبجح متنازلا عن كرامته وكرامة أمته ضاربا بكل سنوات النضال الفلسطيني عرض الحائط
مغترين بأموال العدو التي يتوهمون أنها ستكون سببا في انتعاش بلادهم الاقتصادي !
إن جعل العلاقات مع الصهاينة طبيعية يعني ببساطة شرعنةُ الدولة الاسرائيلية المحتلة والاعتراف بوجودها وأحقيتها في تملك أرض ليست لها ولن تكون لها
وفي المقابل فإن إعطاء أصحاب الحق جزءا من حقهم وغض الطرف عن الجزء الآخر هو حلٌ غير عادل ولو احتل أحدٌ بلادنا فإننا لن نرضى بجزء منها ولو بذلنا في سبيل استردادها كاملة كلَ نفيس وغالي فكيف بأرض هي حقٌ من لدن رب العالمين لأتباع أمة محمد صلى الله عليه وسلم من بحرها إلى نهرها ثم بعد كل هذه السنين يأتي غرباء ملاحدة ويهود من شتى بقاع الأرض ليقيموا على ترابها وطنهم المزعوم!
إن الأحرار لا يقبلون دون بلدانهم وأراضيهم مقابل حتى يضم ترابُها رُفاتَهم كما ضم رفات آباءهم وأجدادهم من قبل وفلسطين حقٌ أبديٌ لأمة الإسلام فإن ركن بعضهم إلى الدنيا والدعة وتسلّل الوهن إلى إيمانه وعقيدته فإنّ الله قد وكّل بها قوما ليسوا بها بكافرين !