الصحوة – الدكتور سالم بن سلمان الشكيلي
الشباب هم القلب النابض في أي أمة، فهم رجال الغد وصنّاع المستقبل، وبسواعدهم تبنى الأوطان؛ باعتبارهم أهم ثروات الوطن وموارده البشرية، وأكثرها طاقة وفاعلية وعطاء، فالشباب في هذه المرحلة العمرية، يمتاز بالقوة والنشاط والتطلّع الواعد لمستقبل مشرق، حيث يستطيع هؤلاء الشباب توظيف كافة حواسهم واستعدادتهم الذهنية والعقلية والجسدية.
ومن هنا، كان لا بدّ من توجيه الشباب، إلى أن يتربّى على الدين والأخلاق والقيم الحميدة، كما يجب عليهم التسلح بالعلم والمعرفة، والإدراك السليم والصحيح للقيم والمعتقدات، في زمن تتصارع فيه الأمم على التقدم والتطور في شتى ميادين الحياة، والدولة – وبحمد الله – تدفع إلى ذلك بشكل أو بآخر، لأنها تنظر إلى الشباب بتلك المواصفات، أنهم عدة الوطن وعماده ودرعه الحقيقي، لذا فإنّ إدراك قيمة العلم والعمل بمثابة تذاكر سفر لتحقيق آمال وطموحات الأمة، إلى جانب استغلال القدرات والموارد الطبيعية التي تخدم المجتمع، وتقود إلى تطوره ونمائه .
وعلى الشباب أن يفهم، بأنّ الاعتدال والوسطية وعدم التعصب والتطرف في القضايا التي يواجهها المجتمع، هو سر بقائه وتقدمه واستقراره ، ولذلك عليه أن يسعى لتعزيز الهوية الوطنية لجعلها هويّة ترفع من شأن الشباب، وتزيد من حبّهم واحترامهم، وإنماء قيم المنافسة الفعالة والإيجابية، والحد من الاعتماد والاتكال على الظروف الخارجية، لتحصيل الفرص وإحراز النجاح، والاعتماد في كل ذلك على الذات، والموارد الوطنية، واستغلالها وتطويرها .
ودور الشباب في المجتمع متعدد الفصول، أولها المشاركة في الانتخابات باعتبارهم قوة لا يُستهان بها، والمشاركة بقراراتهم في القضايا التي تهم الرأي العام، وكذلك المشاركة في الأعمال التطوعية، من خلال المؤسسات الاجتماعية، بالاضافة إلى اعتلائهم المناصب القيادية حسب قدراتهم ومؤهلاتهم وخبراتهم وتطلعاتهم.
وانطلاقاً من هذا الفهم لأهمية دور الشباب، كان المحور الثاني من البيان التاريخي الأول لجلالة السلطان الهيثم المعظم حفظه الله، عن الشباب، إذ قال :
” إنّ الشباب هم ثروة الأمم، وموردها الذي لا ينضب، وسواعدها التي تبني، هم حاضر الأمة ومستقبلها، وسوف نحرص على الاستماع لهم وتلمّس احتياجاتهم واهتماماتهم وتطلعاتهم، ولا شك أنها ستجد العناية التي تستحق”
وعندما يُعلن سلطان البلاد في أول بيان تاريخي له، عن هذا التمكين والاهتمام الذي سيناله الشباب في العهد السعيد، فلذلك دلالات عدة ترتسم على واقع المجتمع العماني الزاخر بشبابه الواعدالمتحمس للعمل والعطاء، من أجل المساهمة في رفعة عمان وتطورها وازداهارها، خاصة مع بدء مرحلة تجديد النهضة المباركة، وتطبيق رؤية عمان ٢٠٢٠ – ٢٠٤٠م ، التي تحتاج إلى الإبداع والابتكار والمبادرات الفاعلة، وإظهار واستغلال الطاقات الهائلة لدى الشباب، الذين، بلا شك، سوف يسارعون بالاستجابة للدعوة الكريمة الصادقة والصادرة من سلطانهم.
ولقد أثبت سلطان البلاد المفدى على عزمه هذا من خلال التعيينات التي جرت على الجهاز الحكومي، وقد شغل بعضَها عددٌ من الشباب العماني، الذين يؤمل المجتمع فيهم كل الخير، وأعطاهم ثقته، من أجل عمان .
وأخيراً يلزمني المقال بعد رؤيتي لمفاهيم مغلوطة في وسائل التواصل الاجتماعي للدعوات المتشنجة والمتسرعة لتمكين الشباب، فإنّ تمكين الشباب لا يعني البتة إقصاء الفئات الأخرى من المجتمع، فكبار السن لديهم من تراكم الخبرات التي اكتسبوها ، والوطن لا يمكنه إقصاءهم أو الاستغناء عنهم إطلاقاً، فهم بمثابة المصدر المعين، والمرجع الأمين، فبعض أصحاب المهن، كلما زاد بهم العمر تكونت لديهم ثروة معرفية قد لا تتوفر في جيل الشباب، وأضرب بذلك مثالاً على الأطباء والفنيّين والأكاديميين والمفكرين وغيرهم.
نعم، بناء عمان وتجديد نهضتها يتطلب مشاركة الجميع بدون استثناء أو إقصاء، وخاصة جيل الشباب رجال الغد وصنّاع المستقبل، في ظل القيادة الواعية والمستنيرة لرجل مرحلة التجديد، جلالة السلطان الهيثم المعظم أبقاه الله وهيأ له البطانة الصالحة التي تجعل من مصلحة عمان فوق كل المصالح، فهي المصلحة العليا السرمدية .