الصحوة – أسماء الغبر
سلام عليكم طبتم بود ….
سلام على أصائل مخا سلام على الراحلات الاتي لم يمحي الزمان ذكراهن سلام وسلام على صويحبات أُمي الغاليات سلام على أمي يميعه بنت فايل ذات القوام الفاتن والصوت الصهيل الناعم ما أروعها حين كانت تناديني ( لولوه هين أمك أني ما ألوم أبوج فيها 😁) بتلك النبرة الساحلية التي تتميز بقلقلة الحروف وعمق النطق الصوري العذب سأخبركم عن صباحها الذي تشرق شمسه في بيتنا وشمس جيراننا يجتمعون في حوْية بيتنا ( الحوش ) كل صباح يوميا بلا ملل ولا كلل ولا ضجر ولا نفاق ولا غيبة نيتهم صافية كصفاء قلوبهم وكلامهم الممزوج بالجرأة والمعاكسات و القهقهات ويتبادلون أحاديث الغرام لكل زوجين والزعل والرضى ولا اخفي البوح في خصوصياتهم بعض الأحيان والحياة حلوة بينما القهوة والشاي والتمر وريحة اللبان تتوسط مجلسهم السعيد في وقت أذهب فيه للمدرسة وأسمع ادعيتهم بأن يحفظني الله ويوفقني وهم عمي مقطوف خالتي حديدة تغشاهم الرحمة ، خالتي خليفة ام الشاعر محفوظ الفارسي الصديقة البئر لأمي والقلب القريب لها ، عمي محمد ود سالم والمبتسم بروحة النقية واذا تكلم فجر قنبلة ضحك منها الجميع ، والوالد رحمة الله عليه فكان كلامه دائما عن الخناجر وشدة غيرته عليها ، و الحبيبة تعيبه بنت حمد فقد كانت امي لها القلب الوطن سهرت معها كما اخبرتني وهي في أيام نفاسها تساعدها في العناية بصغيراتها أما أنا وشادية ونادية وإيمان رغم صغرهن عني إلا أن الليل كان لنا نحن في حوية بنت حمد وتتخايل لناظري الأن (و( الحوية ) هي عبارة عن قواقع البحر واحجار بيضاء تفرش في فناء المنزل ولها طابع جميل وتمنحك الإحساس بالإيجابية والدفء .
اما الغالية خالتي خليفة بنت سالم فهذه المرأة لا وقت معها للمداعبات ذات الخصوصية والدخول المباشر لمكنون المشاعر المرهفة و تسأل وتتحاور بدون إشكال وماضية على لا حياء في الدين ربي يديم صوتها يارب .
أمي وخالتي هامنة ( مخلفة عمي ) بمعنى طليقة عمي درس لمحبة النسائب وتفاهمهن وتواصلهن وارتباطهن المتين الشيء الذي يُفتقد في زمننا الحاضر وكانت رحمة الله عليها قد رحلت بهدوء وعاشت بسكينة وهي جارة لصديقة أمي الأخرى.
أمي فاطمة بنت مبارك التي نثرت هدوءها وتواضعها في حنايا صويحباتها المقربات وهي أيضا ممن غادر الحياة فقد عتت من العمر شيبا إلا ان جوهرة البيت خالتي خميسة أم ناصر لم تنسى الود والحب الذي ربطنا إلى هذا اليوم فما زال صوتها عبر الهاتف يبعث الشوق والحنين والدعاء لأمي بأن يشفيها الله ويجعل مرضها طهورا وذكرى هذا البيت وأهله كان أساسها أمي ومحبتها العميقة وسؤالها وقربها الروحي الذي قربنا نحن الأبناء لبعض البعض فلكما التقينا تذكرنا ذاك الليل ونجومه التي نعدها وقمره الساحر في أيامه البيض وأخص نفسي بابنتها الكبرى وإن فرقتنا الأيام إلا أن قلوبنا ما زالت تنبض بحبً لم تغيره السنين .
بعد هذا النهر الصافي وجريان أسماء صويحبات أمي يبتسم قلبي لتجذبني الذاكرة إلى العويشات الثلاث واُنوه بأني لم أصل لتسمية لكبار القوم من الرجال بما يقابله من كبار القوم من النساء فهؤلاء العوايش من كبار القوم من النساء في مخا عائشة بنت يوسف أم بدر ، عائشة بنت حمد أم سعيد وعبدالخالق ، وعائشة بنت محمد ام حمد ابو نوف ، اما الأولى فيعجزني التعبير عنها فلا أذكر الكثير عن شخصيتها إلا أن أمي كانت تزورها غالبا وتأنس بوجودها كثيرا ولا أعرف لماذا أجد في اسمها لحن رائع لربما كان لها من اسمها نصيب رحمة الله عليها ، أما عشة بنت حمد والتي تتوسط قلب أمي فقد انتقل حبها لأمي إلى أهل بيتها واخصهم محمد الصديق والحفيد الحبيب والوجه الذي لا يغادر ناظري أمي في المناسبات ومداهمة الاشواق ، وحديثي عن الغالية عشة بنت محمد فإني أحبها واجمل ما أخبرتني والدتي عن عمق الصداقة بينهن أن أمي تأتي بأبنائها إلى المبيت في بيتنا واقصد بذلك الكبار منهم وهذا ما بنى جسر الوداد والدوام والاحترام إلى الأن بيننا ولأصالتهم فهم من ينادي والدتي بأمي وهم من يقبلون رأسها ويدها وهم من أتسمت ارواحهم بتواضع ووقار عند محادثتها وهم من تُذكر أسماءهم عند الفرح والحزن .
لأمي صديقة في الحارة تسكن في بيت الجلال والعز ربما كانت أمي اخر الزائرين لها قبل وفاتها حين لازمتها في فترة مرضها فمكوث أمي كان عبارة عن حق المجورة وفخامة الطيبة والإحسان في قلب خالتي شيخة بنت راشد حارة ود قبوله ثم عقبتها بذلك زوجة ابنها المتوفاة قريبا سعادة بنت عبدالله أسكنها الله الجنة وجعلها من المحسنين وإني على يقين تام بإن هذا الإحسان سيمتد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها فأهل هذا البيت خُلِقوا بأن يكونوا رحمة للقلوب التي أحبتهم وعزتهم وخيرهم عمّ البعيد والقريب والأعجمي المسلم أيضا .
وبين سطوري وطول مقالي اليوم حقا عليّ أن اُعطر حروفه بذكر بعض السيدات كخالتي مريم بنت جمعة
حضورها المستمر لبيتنا ويتراىء لناظري جلستها الطيبة وحوارها الخفيف اللطيف ونقاشها الصريح حفظها الله ورعاها وأسعدها سعادة الدارين .
كما أن لأمي صديقات كثر قد لا يحصيهن قلمي إلا انهن يتشابهن في العطف والحنان والصدق والاهتمام الأخوي وإحترام المجورة والتواصل الودي والمشاركة بشتى أنواعها ومسمياتها ولا إختلاف ولا فرق ولا تخصيص ولا غنى ولا فقر ولا أبيض ولا أسود فما دامت القلوب ظاهرها الصفح والعفو والوئام والترحيب الجميل والحضور ونفي الخصومات فلا خوف ولا هفوة يستطيع الشيطان أن يدخل منها في بيت المتحابين في الله .
وأخر كلامي للمتوفيات من صويحبات أمي أن يجعل الجنة دارهن و مستقرهن وملتقى من بقى منهن ويجمع بينهن يوم القيامة ويسقيهن من يدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم شربة هنيئة لا يظمأن بعدها أبدا …آمين