الصحوة – الدكتور حمد بن ناصر السناوي
في عيادة الطب النفسي عادة ما يحضر المريض مصحوبًا بأحد أفراد أسرته او أحد الأصدقاء حرصًا منهم على تشجيعه على الاستشارة أو تقديم الدعم النفسي، تعودت أن اسأل المريض قبل بدأ الاستشارة إذا كان يرغب في الحديث معي لوحده، ثم اطلب من الشخص الذي حضر معه الانتظار خارج الغرفة على أن يشاركنا الاستشارة بعد الانتهاء من الحديث مع المريض في حالة موافقة الأول على ذلك؛ لشرح التشخيص و كيفية التعامل مع المريض ومساندته.
يقول أحد المرضى ” أحيانا أشعر ان إخوتي يتنمرون على بسب حالتي النفسية، حتى إذا اختلفنا وشعرت بالغضب قالوا لي بإستهزاء، جاتها الحالة، أو تناولي حبوبك النفسي، وكأنه ليس من حقي أن أغضب.
مريض آخر يعاني من الوسواس القهري يجبر زوجته على مراقبته وهو يصلي كي يطمئن أنه لم يخطئ في عدد الركعات ويغضب كثيرا إذا انشغلت بأمور المنزل أو الأطفال حتى أصابها الإرهاق؛ لانه يعيد الصلوات رغم تأكيدها له أن صلاته صحيحة؛ وذلك بسبب مرض الوسواس القهري الذي يعاني منه.
تشير الدراسات العلمية أن طريقة تعامل الأهل والأصدقاء مع المريض النفسي لها دور كبير في عملية الشفاء، كما أن بعض الأمراض العقلية مثل: الفصام تتدهور حالة المريض حتى مع استخدام العلاج إذا كانت الأجواء في المنزل لا توفر الدعم النفسي المناسب، فبعض السلوكيات مثل: الانتقاد المستمر، والتعامل بعدوانية مع المريض، و كذلك التدخل في كل تفاصيل حياة المريض، والمبالغة في الحرص عليه؛ يسبب تهور في حالته النفسية.
فيما يلي بعض المقترحات في التعامل مع المريض النفسي:
- استمع إليه دون إصدار الأحكام عليه ، دعه يخبرك بما يشعر و اسأله “كيف يمكنني أن أساعدك؟ بهذه الطريقة تمنحه فرصة للاختيار، وإذا لم يكن لديه جواب يمكنه أن تقترح ما يمكنك أن تساعده.
- ثقف نفسك بالقراءة من المصادر العلمية الموثوق بها، تعرف على طبيعة الحالة والأعراض وطرائق العلاج، فذلك يساعدك على فهم تصرفات المريض والتعامل معه وتقديم الدعم المناسب له.
- إقترح عليه زيارة الطبيب النفسي وساعده في الحصول على الطبيب المناسب، إذا شعرت أنه متردد إساله عن سبب تردده، فربما تكون لديه بعض المخاوف من الاستشارة أو تأثير الادوية، اقترح عليه أن يقوم بكتابة الأسئلة التي يريد مناقشتها مع الطبيب وأخذ تلك الأسئلة يوم الاستشارة.
- اذا طلب منك المريض الذهاب معه للاستشارة احرص أن تمنحه الخصوصية؛ للتعبير عن ما يشعر وانتظر خارج الغرفة، عندما يستدعيك الطبيب اشرح له ملاحظاتك عن التغير في سلوكيات المريض؛ فذلك يساعد على الوصول إلى التشخيص المناسب خاصة وأن بعض المرضى قد ينسى ذكر بعض الأعراض.
- عند التعامل مع المريض حافظ على هدؤك وتجنب الانفعال حتى وإن بدت تصرفاته غير عقلانية، تجنب التعليق على كل تصرفاته، تحدث معه عن موضوعات بعيدًا عن حالته وأشعر بالتعاطف معه.
- إمنح المريض الثقة الكافية وتجنب الانتقاد المستمر فذلك يضعف ثقته بنفسه، ساعده في صنع قراراته دون أن تفرض رأيك عليه خاصة وإن كانت هذه القرارات لا تؤثر على سلامته أو سلامة من حوله.
- تجنب الالحاح عليه بأن يتغير أو ان يتقبل الأمر ويواجه الحياة، فكل منا له قدراته الخاصة في التعامل مع الأزمات، لا تخبره عن الصعوبات التي اجتزتها أنت، حتى وإن قصدت إحياء الأمل في نفسه، فهو قد يشعر بالعجز لأنه سيقارن نفسه بك.
- احترم خصوصيته إذا بدا لك حزينا ورفض أن يخبرك عن سبب حزنه ،ربما يحتاج البعض من الوقت لفهم حالته والتعبير عنها، أو يحتاج أن يثق بإنك لن تسخر منه أو تحكم عليه.
ختامًا، تذكر أن كل منا عرضة للإصابة بالمرض النفسي فلنتعامل مع الأخرين كما نود أن يتعاملوا معنا.