الصحوة – د.حمد بن ناصر السناوي
في الأسابيع الماضية تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي خبر عن الشاب الأمريكي كاميرون هيرين ذو الواحد والعشرين عاما الذي حُكم عليه بالسجن أربعة وعشرون عاما بعد أن دهس بسيارته إمرأة وطفلتها مما أدى إلى وفاتهما، لم يكن هذا سبب شهرة الشاب ولكن التعاطف الذي وجده من بعض الأفراد وبالأخص الفتيات من مختلف دول العالم، دفع الصحافة على إطلاق لقب “المجرم الوسيم” وطالب البعض بتخفيف العقوبة عليه فقط لأنه “وسيم”.
ليست هذه المرة الأولى التي يحصل فيها البعض على إمتيازات ومعاملة خاصة بسبب الوسامة والمظهر الخارجي فمثل هذه الأمور تحدث بشكل يومي دون أن نشعر بها أو أن تتداولها مواقع التواصل الاجتماعي، فالدراسات النفسية تشير بأن الجمال يعتبر معيارا مهما في اختيار شريك الحياة بالنسبة لطرفين، كما تشير دراسات أخرى أن الأشخاص الوسيمين أكثر حظا في التوظيف حيث يُنظر إليهم بأنهم أكثر كفاءة وأنهم يتمتعون بمهارات عديدة، مثل: الذكاء، والثقة بالنفس حتى في الأمور الجنائية حيث تشير بعض الدراسات أن الأشخاص غير الجذابين تلقوا أحكامًا أطول بنسبة 120-305 ٪ من “الأشخاص الوسيمين” ، وكأن الأمر لا يخلو عن كونه نوعا من أنواع العنصرية.
في بعض الأحيان لا يكون تفضيل الأشخاص مبني على المظهر الخارجي فقط ، فبعض الأشخاص الذين يتمتعون بالجمال لديهم سمات الشخصية الناجحة التي تتشكل في مراحل الطفولة الأولى ويكون المظهر الخارجي عامل أساسي حتى وإن كان بطريقة غير مباشرة، فمن الملاحظ أن الطفل الوسيم يحصل على قدر كبير من التشجيع والاحترام مما يمنحه الثقة بالنفس ويوفر له فرصة للإبداع والتفوق حيث يسهم التشجيع الذي يحصل عليه من قبل الكبار سواء من الوالدين أو المعلمين في صقل شخصيته ليكبر هذا الطفل إلى شخص بالغ أكثر ذكاءً وكفاءة وثقة بالنفس.
أخبرني أحد الزملاء من إحدى الدول المجاورة أنه كان يصطحب طلابه في زيارة لإحدى دور الأيتام ولاحظ أن معظم الأطفال هم من أصحاب البشرة السمراء، تسائل أحد الطلبة لماذا يكثر اليتم لدى أصحاب البشرة السمراء؟ فأجبت المشرفة على الدار بأن الأطفال يأتون من مختلف فئات المجتمع لكن الأطفال ذو البشرة البيضاء يتم تبنيهم بشكل أكبر من غيرهم، هذا مثال آخر على دور المظهر الخارجي في منح الطفل فرصة للتبني والعيش في كنف أسرة تحبه وترعاه.
وأخيرا ، فقد تكون الضجة الإعلامية التي صاحبت حادثة المجرم الوسيم ليست سوى زوبعة إعلامية أو محاولة البعض في تشتيت الذهن بعيدا عن الأخبار الكئيبة التي تدور حول جائحة كورونا، هذه الزوبعة قد لا تستمر لوقت طويل، لكن البعض وللأسف الشديد مقتنع بأن المجرم الوسيم يستحق التعاطف والشفقة لأن جماله يشفع للجريمة التي ارتكبها ويطالب بالرأفة به وتخفيف العقوبة عنه.