الصحوة – سليمة بنت عبدالله المشرفية
في ما مضى كان للبيت شأنٌ في معرفة الغني من الفقير فبينما يبدو بيت الغني واسعا كبيرا مزخرفا بأجمل الزخارف والفنيات يبدو بيت الفقير متواضعا بسيطا وليس في ذلك البناء ما يُحرج فكلٌ كما يقال “على قد لحافه يمد رجليه”!
ولكن مع تقدم الأيام استولت المظاهر على عيون الناس وتملكت قلوبهم حتى غدت مقدمةً على الضروريات الحياتية وكلٌ منهم يسعى لأن يظهر بمظهر متكامل ولو كان ذلك على حساب ضرورياته وسلامة معيشته
بيوتٌ فارهة ومجالسٌ محاطة بأجمل قطع الأثاث الثمينة وغرفٌ ينسج فيها العنكبوت خيطه قبل أن يسكنها البشر ،كل ذلك بمبلغ ضخم تديّنه صاحبه على حساب الراتب الضعيف الموعود به نهاية كل شهر والذي يهضمه المارد العملاق(البنك) قبل أن يرى صاحبه عينه فضلا عن لمس قراطيسه!
وذلك مقابل أن يُقال ما أجمل بيت فلان وما أضخمه وما أروع تصميمه وأبهى أثاثه، فهذه المقولة وأشباهها كفيلة بإشباع جوع صاحبها بل وإغراقه في نعيم الفخر ولو لم يجد رغيفا يشبع به جوع عياله ومخافة أن يقال: ما أضيق بيت فلان وما أعتق قطع أثاثه، فتلك المقولة الجارحة تتحاشاها النفوس في زماننا هذا مادام أن رضا الناس غايةٌ تدرك!
والعاقل الحصيف يعرف ما يلزمه وما لا يلزمه وما يدرك وما لا يدرك ،فلا يضيره أن يسكن بيت شعر أو بيت خوصٍ حتى يتيسر حاله وتستقر أموره من غير أن يقيم لكلام العابثين وزنا وطالما يجد في حياته متسعا فلا يحتاج لبقرات زيد التي يكلفه سخاءها البقية الباقية من رمق عيشه فيدفع ثمنها باهضا من راحته ودنياه وآخرته ليصبح في نظر الناس غنيا وفي نظر نفسه فقيرا مُفلسا!