الصحوة – أعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ممثلة بمركز عمان للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية (موارد) التابع لها اليوم في مؤتمر صحفي عن اكتشاف كائنات حية تعرف لأول مرة في العالم وأخرى تسجل لأول مرة في عُمان والجزيرة العربية. يأتي هذا الإعلان تزامنا مع اليوم العالمي للتنوع البيولوجي الذي ترعاه الأمم المتحدة ويصادف 22 مايو من كل عام.
رعى المؤتمر الصحفي وأعلن عن الاكتشافات معالي الأستاذة الدكتورة رحمة بنت إبراهيم المحروقية الموقرة وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار وحضره الفريق البحثي المكتشف للكائنات الحية ومجموعة من المسؤولين في قطاعات البحث العلمي والاستثمار والصناعة وممثلين عن المجتمع المحلي بالإضافة إلى مجموعة من طلبة المدارس والجامعات. ومثل الحدث احتفاءً بالتنوع البيولوجي الغني والفريد الذي تتميز به سلطنة عمان.
فطريات قابلة للأكل وأخرى ذات صفات طبية
الاكتشاف يضم ثلاثة أنواع من الفطريات الكبيرة تعرف لأول مرة في العالم وعشرة فطريات كبيرة أخرى تسجل لأول مرة في عمان والجزيرة العربية. وتم جمع الفطريات من مناطق مختلفة من محافظة ظفار في خريف العام الماضي 2023 وتوصيفها بالمختبرات باستخدام التقنيات الحديثة التي تعتمد على التسلسل الجيني لهذه الفطريات بالإضافة إلى التوصيف المظهري والذي استخدم فيه صفات ظاهرية ترى بالعين المجردة وأخرى تم توثيقها باستخدام المجهر المكبر (المايكروسكوب) اعتماداً على منهجية علمية دقيقة في توصيف الفطريات الكبيرة. كما تم نشر نتائج التعريف واسماء الفطريات والمعلومات المتعلقة بها في مجلتين علميتين محكمتين هما سايدويا و جورنال اوف فنجاي.
أبرز الفطريات التي تم اكتشافها قابل للأكل ويتم حصاده في موسم الخريف بمحافظة ظفار العمانية ويسمى محلياً بالقمبأ (الصورة A) وهو الفطر الأشهر لدى المواطنين في المحافظة حيث اتفق الفريق البحثي على إطلاق الاسم العلمي Termitomyces dhofarensis (ت. ظفارينسيس) عليه وهو ثاني فطر يحمل اسم ظفار (مع اختلاف اسم الجنس والعائلة) حيث تم اطلاق الاسم على فطر آخر قام الفريق أيضاً بتوصيفه في العام 2022م .
والفطر المكتشف الثاني حمل اسم Hymenagaricus wadijarzeezicus (ه. وادي جرزيزوس) (الصورة B) وهو اسم مستوحى من موقع العثور عليه في وادي جرزيز بمحافظة ظفار. بينما منح الفطر الثالث (الصورة C) اسم لاتيني مشتق من شكله الخارجي Hymenagaricus parvulus. كما أن عشرة من الفطريات التي تم التعرف عليها تسجل لأول مرة في سلطنة عمان وشبه الجزيرة العربية (الصور من 1 الى 10) ومعروف أن بعضها تحمل صفات دوائية.
ولا تعرف حتى الآن خواص الفطريات المكتشفة لأول مرة بشكل وثيق إذ يقوم الفريق البحثي حاليا بدراسات متعددة للصفات الغذائية والدوائية لهذه الفطريات ولديه نتائج إيجابية مبدئية. كما أن العمل قد بدأ بالفعل على دراسة إمكانية استزراع بعض هذه الفطريات لتصبح متوفرة للاستهلاك بشكل تجاري لكن التجارب هذه في بداياتها ومن الصعب التنبؤ بجدوى الاستزراع كون خواص الفطريات المكتشفة والبيئات والعوامل التي تحتاجها للنمو في ظروف المختبر غير معروفة حتى الآن ولذلك فإن أي نتائج إيجابية ستحتاج الى بعض الوقت.
رحلة مستمرة من الاكتشافات نتيجة لتعاون وطني مثمر
جاءت الاكتشافات الحديثة كثمرة لتعاون بحثي مثمر ومنذ العام 2018 م بين عدة جهات حكومية وخاصة. كما أنها اضافة لاكتشافات سابقة وثقت في الأعوام 2022 م و2023 م خمسة من الفطريات الكبيرة التي تعرف أيضاً لأول مرة بالعالم. حيث ينفذ مركز عمان للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية (موارد) هذه المرحلة من مشروع الفطر البري في سلطنة عمان بالتعاون مع كل من كلية العلوم الزراعية والبحرية بجامعة السلطان قابوس وجامعة ظفار وبتمويل من صندوق التنمية الزراعية والسمكية. وضمن التعاون البحثي بين كل هذه الجهات توفر خبرات متنوعة ومتكاملة بالإضافة الى تكامل الإمكانيات البحثية والمختبرية. بالإضافة الى ذلك فقد قام الفريق البحثي بإيفاد اثنتين من الباحثات بالمشروع الى بلجيكا لتلقي تدريبات في مجال الفطريات الكبيرة تخدم أهداف المشروع. واستضافالفريق أكثر من خبير دولي لأغراض إثراء العمل البحثي والتدريب.
رؤية عمان 2040
ستلهمُ الخطط والسياسات الوطنية في مجال التنوع البيولوجي بسلطنة عُمان توجهاتها من رؤية “عُمان 2040” وبالتحديد من التوجه الاستراتيجي الذي ينص على “ضمان نظم إيكولوجية فعالة ومتزنة ومرنة لحماية البيئة واستدامة مواردها الطبيعية دعمًا للاقتصاد الوطني”؛ وهو توجه يتساير بشكل كبير توجهات مركز عمان للموارد الوراثية. الفطريات المكتشفة موارد طبيعية ذات إمكانيات جاري اكتشافها وأحدها وهو فطر القمبأ الذي له رواج بين المواطنين. ويمكن أن يساهم استثمار هذه الفطريات في مجالات الغذاء والدواء وربما صناعات أخرى متعددة في دعم الاقتصاد الوطني.
مشاركة المجتمع المحلي وأهمية المعارف التقليدية لدعم البحث العلمي والاكتشاف
جمعت فريق العمل البحثي بالمشروع علاقة وثيقة ومثمرة مع المجتمعات المحلية بمحافظة ظفار. وكان لمجموعة من المواطنين المهتمين من المحافظة بالإضافة الى أعضاء من جمعية صون الطبيعة (قيد التأسيس) وأعضاء من فريق لهواة المشي والمغامرات دوراً جوهرياً في الإنجاز الذي تم تحقيقه. حيث أن المعرفة التقليدية بأماكن واستخدامات الفطريات دوراً مسانداً وملهماً للفريق البحثي. كما شارك الفريق البحثي بالمقابل المجتمع المحلي معرفته بتصنيف الكثير من الفطريات وأحيانا بعض الاستخدامات لأصناف معينة وأقام ورشة عمل في محافظة ظفار للمهتمين بهذه الفطريات.