الصحوة – د.حمد بن ناصر السناوي
منذ أشهر حضر للاستشارة في العيادة النفسية شاب في منتصف الثلاثين من العمر، اخبرني تعرف على فتاة عبرإحدى وسائل التواصل الاجتماعي ونشأت بينهما علاقة حب عبر العالم الافتراضي، و بعد أيام من الرسائل الإكترونية ومحادثات الفيديو، اتفقا على الزواج فهو مقتنع تماما بأنها فتاة أحلامه التي سيكون معها أسرة سعيدة. دفعني هذا الموضوع للبحث عن ما يسمى علاقات الحب عن طريق الإنترنت،هل تنتهي بزواج ناجح ؟
يقول علماء النفس أن بعض الأشخاص الذين يتعارفون عن طريق الإنترنت غالبا ما يلجأون إلى “تلميع” شخصياتهم والمبالغة في إظهار جوانب إيجابية وصفات قد لا تعكس الواقع. كما أشار تقرير نشرته وكالة الأنباء البريطانية إلى انتشار ظاهرة التحايل العاطفي عبر الإنترنت والتي غالبا ما تكون فيها الضحية إمرأة وحيدة تفتقر إلى الحب والاهتمام من الآخرين في حياتها اليومية فتبحث عنه في العالم الافتراضي، بعض الضحايا أرامل يعانين من الوحدة والفراغ العاطفي ويجدن في التواصل مع رجل يوهمهن بالحب أمراً مسلي يبعث الأمل في أن يتم اللقاء يوما ما، كما ذكر التقرير أن التواصل غالبا ما يتم بشكل يومي حتى تشعر الضحية بأن ذلك الشخص جزء أساسي من حياتها يشاركها اهتماماتها ويسأل عنها وقد يستمر التواصل لساعات طويلة تملى مشاعر الوحدة والفراغ العاطفي لدى الضحية ،بعد فترة يقوم بالتواصل معها ويخبرها بأنه مريض وفي حاجة لعملية جراحية ويطلب أن ترسل له بعض المال، قد يبدأ بمبلغ بسيط وتدريجيا تكثرالمطالب ويرتفع سقف المتطلبات ليصل الآلاف الدولارات، بعض الضحايا تحدثت بإحساسهن بأن الأمر مثير للريبة إلا أن المشاعر تحجب عنهن رؤية الواقع، الكثير يمتنعن عن إبلاغ الجهات المختصة خوفا من الإحساس بالفشل ومن شماتة الآخرين.
ذكر التقرير أيضا أن حوالي ٤٠ ٪ من الرجال الذين يدخلون في علاقات مع فتيات عبرالانترنت يدعون انهم غير متزوجين بهدف إدخال بعض الاثارة الى حياتهم الزوجيه التي ربما اصابها الفتور والملل ، كما اشارت دراسة اخرى بان ٢٪ فقط من حالات التعارف عبر الانترنت انتهت بالحب والزواج.
ولكي نكون منصفين لابد أن نذكر بأن مستقبل الزواج لا يتحدد بطريقه التعارف فحسب، فالكثير من الزوجات في المجتمعات العربية والشرقية بشكل عام عادة ما تكون من ترشيح الأهل وغالبا ما تنجح . في بعض الحالات يكون التعارف في مكان الدراسة أو مكان العمل لكن ما يميز هذه الطرق في التعارف أنها تحدث على أرض الواقع فيقابل كل فرد الآخر ربما بشكل متكرر خاصة اذا جمعت بينهما قاعة الدراسة أو مكان العمل فيصبح من الصعب تقمص “شخصيات زائفة”. و مهما اختلفت طريقة التعارف يبقي الصدق والجدية وتقبل الآخر من أهم اساسيات تكوين علاقة زوجية ناجحه تتقاسم الحياة بحلوها ومرها .